شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، افتراضيًا، في الجلسة العامة لمحافظي الدول الأعضاء بالبنك، وذلك خلال فعاليات الاجتماعات السنوية 2022 التي تعقد في مدينة مراكش بالمغرب، حيث ترأست اجتماع المحافظين السيدة أوديل رينو باسو، رئيسة مجلس إدارة البنك، بحضور كبار المسئولين ومحافظي الدول الأعضاء.
وألقت وزيرة التعاون الدولي، كلمة في الجلسة العامة لمحافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وجهت فيها الشكر للمملكة المغربية على استضافة الاجتماعات السنوية، كما عبرت عن تقديرها للجهود التي تبذلها السيدة أوديل رينو باسو، رئيسة مجلس إدارة البنك، والعمل المشترك بين فريق البنك الأوروبي لإعادة الغعمار والتنمية والحكومة المصرية لدعم الجهود التنموية المشتركة.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أهمية اجتماع مجلس المحافظين للبنك خلال العام الجاري، حيث ينعقد في وقت شديد الأهمية وتحديات متتالية تواجه الدول الأعضاء، وهو ما يؤكد أهمية العمل المشترك لإقامة شراكات إنمائية أقوى وتعزيز العمل المشترك لمواجهة التحديات التنموية التي تواجهها الدول الأعضاء، موضحة أن العالم يمر بمنعطف في غاية الأهمية حيث يواجه سلسلة من الصدمات والتحديات المتعلقة بجائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها المختلفة، وهو ما ألقى بحالة من عدم اليقين على مستوى المجتمع الدولي وتسبب في ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والحيلولة دون المضي قدمًا في تعزيز الجهود التنموية.
وخلال الاجتماع وافق مجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، على بدء توسيع نطاق عملياته في نطاق قارة أفريقيا، وفي هذا الصدد ثمنت، الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، هذا القرار باعتباره يأتي متسقًا مع أهداف تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق التنمية المشتركة في قارة أفريقيا، وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص.

العلاقات المشتركة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية

وأشارت “المشاط”، إلى إطار التعاون الدولي والتمويل الإنمائي لجمهورية مصر العربية، الذي يعزز التعاون والعمل المشترك بين الدولة المصرية وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، في إطار الأولويات الوطنية واستراتيجيتها لتحقيق التنمية المستدامة 2030، موضحة أن مصر لا تدخر جهدًا في تعزيز جهود التعاون الإنمائي بمشاركة الأطراف ذات الصلة من المؤسسات الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص والمجتمع المدني بهدف تحقيق نمو شامل ومستدام وتعزيز الريادة المصرية في التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وأضافت أنه في ضوء العلاقات الممتدة بين الحكومة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، فقد تم بداية العام الجاري إقرار استراتيجية التعاون القطرية الجديدة 2022-2027، نتاجًا لما تم من مشاورات مكثفة على مدار العام الماضي شارك فيها كافة الجهات الوطنية المعنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، للأخذ في الاعتبار كافة الأولويات الوطنية ومستهدفات المرحلة المقبلة فيما يتعلق بتنفيذ برنامج عمل الحكومة “مصر تنطلق”، وأيضًا المبادرات الرئاسية المتعددة وعلى رأسها مبادرة تنمية الريف المصري “حياة كريمة”، حيث تقوم الاستراتيجية على ثلاثة محاور أساسية أولا: دعم جهود الدولة لتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، وثانيًا: تسريع التحول الأخضر، وثالثًا: تعزيز التنافسية وزيادة معدلات النمو وتحفيز دور القطاع الخاص في التنمية .
وأشارت إلى الاستثمارات الضخمة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر حيث بلغت منذ عام 2012 نحو 8.6 مليار يورو، في 145 مشروعًا، أكثر من 76% من هذه التمويلات تم توجيهها للقطاع الخاص، كما كانت مصر أكبر دولة عمليات في منطقة جنوب وشرق المتوسط خلال أعوام 2018 و2019 و2020 و2021.

الإصلاحات الهيكلية لتعزيز مرونة الاقتصاد

وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أن التحديات العالمية المتتالية، لفتت الحاجة إلى أهمية المرونة والاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية، لتحقيق التعافي والقدرة على مجابهة الصدمات المفاجئة، مضيفة أن مصر تبنت برنامج إصلاح اقتصادي طموح خلال الفترة من 2016-2019، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ساهم في تعزيز المؤشرات الاقتصادية ودعم قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة صدمة جائحة كورونا حتى كانت مصر من الدول القلائل التي استطاعت تحقيق نمو إيجابي خلال عام 2020 بدافع الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية المنفذة، وتمكينها من إعلان خطة استجابة طارئة لجائحة كورونا وتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا وتخصيص حزنة تتجاوز قيمتها 100 مليار جنيه لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.
وأشارت “المشاط”، إلى عزم الحكومة المضي قدمًا في الإصلاحات حيث تم إطلاق برنامج الإصلاح الهيكلي خلال أبريل 2021، تركيزًا على قطاعات اقتصادية كثيفة العمالة مثل التصنيع والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتعزيز تنافسية وإنتاجية الاقتصاد ودعم مرونته لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.

تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة

واستعرضت وزيرة التعاون الدولي، في كلمتها جهود الدولة المصرية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وسعي العالم للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، موضحة أن مصر وضعت رؤية متكاملة لزيادة استخدام الطاقة المتجددة من خلال استراتيجية الطاقة المستدامة 2035، استغلالا لموقعها الاستراتيجي ومواردها الغنية، لتصبح واحدة من الدول الرائدة إقليميًا في مجال الطاقة المتجددة.
وأشارت “المشاط”، إلى المشروعات الطموحة المُنفذة بهدف زيادة نسبة الطاقة الكهربائية المولدة من الطاقة المتجددة لتسجل 42% بحلول عام 2035، من خلال التعاون الوثيق مع القطاع الخاص، الذي أصبح يلعب دورًا محوريًا في هذا القطاع من خلال الاستثمارات، وذلك نتيجة الإصلاحات الهيكلية والتشريعية التي نفذتها الدولة وإصدار القانون رقم 203 لعام 2014، بما يعزز التنافسية ويتيح الفرص للقطاع الخاص لدخول قطاع الطاقة المتجددة.
ونبهت “المشاط”، إلى الشراكة الهامة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، التي عززت جهود الدولة في قطاع الطاقة المتجددة، حيث قاد البنك مؤخرًا عملية تمويل أكبر محطة طاقة شمسية للقطاع الخاص بقيمة 114 مليون دولار، بمدينة كوم امبو بأسوان، لتوليد 200 ميجاوات من الطاقة، كما أتاح البنك التمويلات التنموية لتنفيذ محطة رياح بخليج السويس، بما يقلل الانبعاثات الضارة ويوفر الطاقة النظيفة، ويدعم جهود الدولة للتحول الأخضر.

البنية التحتية المستدامة

ولفتت إلى أن الحكومة المصرية تعتبر القطاع الخاص شريكًا رئيسيًا ومحركًا للنمو الاقتصادي، ومساهمًا في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتعزيز جهود التنمية المستدامة، من أجل ذلك عززت سياساتها لدخول القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية المستدامة، ومن بينها مشروع الميناء الجاف بمدينة السادس من أكتوبر أول مشروع ضمن خطة الدولة للتوسع في الموانئ الجافة، وقد ساهم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في توفير جزء من تمويل هذا المشروع في إطار برنامج المدن الخضراء، كما حصل المشروع على جائزة “أي جي جلوبال ترانسبورت”، كأفضل صفقة نقل لعام 2021 عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتقدم الجائزة لأفضل المعاملات والمؤسسات في قطاعي البنية التحتية والطاقة في العالم.
كما تضمنت كلمة وزيرة التعاون الدولي، الإشارة إلى دور مصر كبوابة لأفريقيا وما يمكن أن تقوم به من خلال التعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، في نقل الخبرات والتجارب التنموية لقارة أفريقيا، استغلالا للخبرات الضخمة والمتراكمة للقطاع الخاص المصري الذي ينفذ العديد من المشروعات التنموية الكبرى في دول القارة، موضحة أن آلية التعاون بين بلدان الجنوب يمكن أن تعزز عملية التعاون المشترك بين دول القارة الأفريقية. وأكدت دعم مصر لاستراتيجية البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، في التوسع في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بقارة أفريقيا.
وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن قضية المناخ أصبحت ذات أهمية قصوى بالنسبة للمجتمع الدولي، ومن هنا يكتسب مؤتمر الامم المتحدة للمناخ المقرر انعقاده في مصر بنهاية العام الجاري أهمية كبيرة لدعم جهود المجتمع الدولى للانتقال من الالتزامات المناخية إلى التنفيذ الفعلي، لسد فجوة تمويل المناخ في ظل تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن العالم يحتاج 6.9 تريليون دولار سنويًا حتى عام 2030 لتحقيق أهداف المناخ، وهو ما يحتم ضرورة الدفع نحو التعاون متعدد الأطراف لإيجاد حلول تمويل مبتكرة لدعم الدول النامية والاقتصادية الناشئة في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
وأكدت على أهمية الحاجة للتمويل المبتكر وأدوات التمويل المختلط والشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص لنمضي قدمًا نحو تنفيذ أهداف المناخ والوفاء بالالتزامات العالمية، مشيرة إلى المباحثات المستمرة مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين لتطوير إطار للتمويل المبتكر يدعم جهود مصر والمجتمع الدولي في التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وانعقدت الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، في مدينة مراكش بالمغرب، بشكل فعلي عقب عامين من الانعقاد الافتراضي بسبب جائحة كورونا، وشاركت فيها. الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك، افتراضيًا.