يجب على الممثلين أن يلمّوا بالعواطف والمواقف والدوافع الإنسانية حتى يتمكنوا من القيام بأدوارهم جيدًا ، وأن يكونوا قادرين على التعبير عن هذه العناصر حتى يتم للمشاهدين فهمهم .

 

إن الممثل الجيد يبني في نفسه عادة ملاحظة الآخرين وتذكر طريقة تصرفهم . فلو قبل ممثل دور رجل عجوز ، على سبيل المثال ، فيمكنه التحضير للدور جزئياً بملاحظة كيف يمشي المسنون وكيف يقفون وكيف يجلسون . بعدها ، يمكنه تطبيق هذه الحركات لتتماشى مع الشخصية التي يريد تأديتها . ويتعلم الممثل كيف يستجيب أناس مختلفون لنفس العواطف (مثل السعادة والحزن والخوف) بطُرق مختلفة .

 

ويمكن للممثلين تطوير ذاكرة عاطفية تمكنهم من استرجاع الموقف الذي أوجد عندهم رد فعل عاطفي مماثل لذلك الذي يودون تأديته . غير أن هذه طريقة تمثيل معقدة ولا يجب استخدامها إلا بعد أن يطور الممثل فهمًا شاملاً وعميقًا لها . ويتعلم الممثلون فهم الآخرين بفهم ذواتهم وقدراتهم العاطفية قدر المستطاع . إنهم يصورون الآخرين باستعمال معلوماتهم عن أنفسهم وتطوير نوع من التحكم بالاستجابة بعواطفهم .

 

· التركيز

 

يعد التركيز شيئًا مهما للممثل . يجب أن يكون الممثل قادرًا على زج نفسه في مواقف خيالية لحجب جميع المؤثرات الخارجية عنه ، موهمًا نفسه بأنه لا يمثل بل يقوم بدور حقيقي . وحتى يتسنى له فعل ذلك ، يجب عليه التركيز والاستماع للممثلين الآخرين في المسرحية والاستجابة لما يقولون بشكل جيد . ويتطلب ذلك منه أيضًا التركيز على كلّ لحظة بدلاً من ملاحظة الحدث وانتظار ما سينتج عنه .

 

· إيجاد الدور

 

ينبغي على الممثلين التغلب على مشاكل متنوعة ومعينة في كل مرة يمثلون فيها دورًا جديدًا ، خاصة في المسرحيات التقليدية . وتحتوي هذه المشاكل عادة على :

 

1- تحليل الدور 2- الحركة والإشارة 3- مميزات الصوت 4- الاقتصاد والبناء 5- الأداء الموحّد.

 

 

 

1- تحليل الدور : يبدأ بدراسة المسرحية بشكل إجمالي ، يركّز بعدها الممثلون على الأدوار الخاصة بهم . إن أول ما يقومون به هو تحليل خصائص الشخصية المختلفة مثل : المظهر والوظيفة والمكانتين الاجتماعية والاقتصادية والسمات العامة . بعد ذلك ، يفحصون هدف الشخصية وتصرفاتها في المسرحية بشكل عام وفي المشاهد كل واحد على انفراد. فعندما تصور المسرحية عصرًا معينًا يتحتم على الممثلين دراسة ذلك العصر من أكثر من ناحية.

 

2- الحركة والإشارة : هما الطريقتان اللتان يصور فيهما الممثل طريقة مشي الشخصية المسرحية وقامتها وإشاراتها ومميزاتها الجسمانية الخاصة. صحيح أن المخرج يعرض إطار حركة الشخصية العام ، غير أن الممثل هو المسؤول عن إخراج هذا النموذج التجريدي إلى حيز الوجود ، وذلك بقدرته على فهم هدف كل دافع عاطفي وراء كل حركة تقوم بها الشخصية.

 

3- ميزات الصوت : نعني بها خصائص الشخصية الصوتية . يحدد الممثلون الميزات المرغوبة في الصوت ويوائمون أصواتهم بناء على هذه الميزات. يمكن أن يتطلب دور معين طبقة صوت حادة ؛ بينما دور آخر قد يتطلب صوتًا ناعمًا مريحًا . يتحتم على الممثل أن يدرس متطلبات كل مشهد على حدة . تكون بعض المشاهد حالمة ، وهذه تتطلب صوتًا ناعمًا خافتًا ؛ أما المشاهد الصاخبة فتتطلب أصواتًا مرتفعة جهورية وحادة .

 

4- الاقتصاد والبناء : يحتويان على الطرق التي يقتصد فيها الممثلون في قواهم لدفع هذه القوى إلى الذروة عند الحاجة . فمعظم الشخصيات تتغير أو على الأقل تتطور أثناء عرض المسرحية ، ويجب على الممثل في مثل هذه الحالة أن يعكس هذا التغيير أو التطور. إن الحاجة للمحافظة على بناء الدور مهمة جدًا في المسرحيات العاطفية ؛ فلو بدأ الممثل دوره بوتيرة عاطفية مرتفعة أكثر من اللازم فسيجد صعوبة حقيقية فيما بعد في رفع هذه الوتيرة إلى مستوى أعلى . ويفشل الدور ، لأنه سيكون بعد ذلك رتيبًا ومملاً . يجب على الممثلين أن يبدأوا بتمهل حتى يتسنى لهم أن يُكسبوا تمثيلهم قوة وتشويقًا تماشيًا مع متطلبات النص المكتوب.

5- الأداء الموحّد : يعني الإحساس بالتناغم والترابط اللذين ينتجان عن جهد الممثلين التعاوني الشامل . لن يكون هناك عرض فردي مؤثر إلا إذا كان منسجمًا مع العروض الفردية الأخرى ، ويتأتى الأداء الموحد عندما يتأقلم كل ممثل مع حاجيات المسرحية ككل ، ويكون في نفس الوقت على بينة من طرق تمثيل زملائه الآخرين ومواطن ضعفهم وقوتهم .