ما هي الرواية؟

تُعتبر الرواية نوع من أنواع الأدب، وتتميز عن غيرها بالخيال المكتوب بلغةٍ نثرية وبطابعٍ سردي، وقد ذكر الكثير من النقاد أنه لا يوجد تعريف شامل للرواية لأنها فنٌّ أدبي قابل للتطور والاستمرار، وتختلف الرواية عن السيرة الذاتية بوجود عنصر الخيال، وعن القصة القصيرة بالطول حيث أنها تقوم بتسليط الضوء على ما يحدث على أرض الواقع فتنطلق لِتجوب آفاق الخيال مُتجاوِزةً حدوده لِتُرشِد القارئ لِلحقيقة من خلال العوالم والأحداث التي تُسرَدُ في الرواية، حيثُ تتضمن العديد من الشخصيات كلٌّ منها بأحاسيس واندفاعات وانفِعالات تختلف عن الأخرى، والعديد من الأحداث المتداخلة والمتشابكة فيما بينها، وهذا بالضبط ما يميزها عن غيرها من الفنون الأدبية.

 

للرواية أنواعٌ عديدة فمنها الأدبية والاجتماعية والتاريخية والبوليسية والفانتازيا والتأملية والرومانسية والسياسية والكلاسيكية والواقعية والتجارية والخيال العلمي والسيرة الذاتية التي تشترط وجود راوٍ يسرد الأحداث، ولكي تكتب أيها القارئ روايةً تأكد من أنك تمتلك طاقة إبداعية لا حدود لها، مُضافةً إليها العزيمة والإصرار والمثابرة لإتمام عملية الكتابة بكافة مراحلها حتى تكون جاهزة للظهور على الملأ بأبهى حُلَةٍ وأجمل صورة.

 

عناصر الرواية:

الزمان والمكان: هو الزمن الذي حدثت فيه أحداث الرواية والمكان الذي دارت فيه، العقدة: وهي عنصر التشويق والإثارة في الرواية حيث يبدأ عندها الصراع ومن ثم تتطور الأحداث وتتصاعد لتنال من حياة الشخصيات دافِعةً إياها لِإيجاد الحل، والشخصيات: عنصر الحركة في الرواية وتحمل آلامًا وآمالًا ولها نقاط ضعف ونقاط قوة تدفعها للوصول لهدفها المنشود، وتنقسم الشخصيات إلى البطل الذي تدور حوله الأحداث، والخصم وهو النقيض للبطل والذي يعرقل دوما مسيرته، بالإضافة إلى الشخصيات الثانوية، والحوار: هو ما يدور بين الأبطال من أحاديث تُجسِّد أحداث الرواية، والفكرة: وهي الموضوع الذي تناقشه الرواية وتوضح قيمته وتُبنى عليه، والحبكة وهي: سير أحداث الرواية باتجاه الحل حيث تتسلسل الأحداث بشكل طبيعي ثم تبدأ بالتصاعد تدريجيا إلى أن تُحَل، وأخيرا الخيال واللغة والأسلوب.

 

متى نشأت الرواية وكيف تطورت؟

رغم وجود القصص العربية في القدم وتحديدًا العصر العباسي كقصة “البخلاء” للجاحظ، “كليلة ودمنة” لابن المقفع، “ألف ليلة وليلة” إلاَّ أنَّ الفن المعروف باسم “الرواية” لم يكن موجودًا بعد، وتعود نشأة الرواية بشكلها الأدبي المعروف إلى الغرب حيث كانت البداية من “ملاحم الالياذة” و “الاوديسة” والأساطير الإغريقية عن الآلهة،

 

وكان لبزوغ فجر الرواية عندهم أسبابًا منها: سبب اجتماعي اقتصادي نظرا لظهور الطبقة الاجتماعية البرجوازية حيث كانت أوروبا قد انقسمت حينها إلى قسمين اثنين هما الإقطاعيين والعاملين، وسبب تقني لاختراع آلة الطباعة التي سهلت عملية التعلم ونشر الأفكار والقصص، وأخيرًا ظهور الفردية حيث أن الفرد بدأ يكتشف أنه بإمكانه الاستمتاع والعيش وحده، وقد وصل العرب إلى الرواية الغربية وتأثروا بها وأعجبوا بهذا الفن عند اتصالهم المباشر بالغرب بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي حيث قاموا بترجمة العديد من الروايات الفرنسية والإنكليزية للعربية، وتُعتبر أول محاولة لنقل الرواية الغربية مترجمة للغة العربية لِرفاعة رافع الطهطاوي بترجمته رواية “فينيلون”.وفي القرن العشرين بدأت الرواية العربية تتطور بشكلٍ ملحوظ وسريع من ناحِيتَي الابتكار والإنتاج، وقد اتفق النقاد على أنَّ ظهور رواية “زينب” التي تعود للكاتب محمد حسين هيكل عام 1914م هو بداية الرواية باعتبارها فنًّا أدبيًا.وبعد الحرب العالمية الأولى في بداية الثلاثينات من القرن العشرين بدأت الرواية تأخذ صفةً جديدةً أكثر فنًّا وأعمق أصالةً حيثُ ظهرت قواعدها وعناصرها الأساسية وأصبح لها كُتَّابًا قد تأثروا بها وساهموا في إبقائها وتطوُّرها من أمثال: طه حسين وتوفيق الحكيم وعيسى عبيد والمازني ومحمود تيمور وغيرهم.

 

نقلت روايات الأربعينات والخمسينات فن الإبداع الروائي في الأدب العربي نقلةً نوعيةً جديدة وقد كان لِنجيب محفوظ الفضل الأكبر بل أنه كان سيد الميدان الروائي حينها حيث أنه أثراها برواياته التي كان لها طابع واقعي.

 

استمرت الرواية في التطور مع تطور العصر والحياة بكافة نواحيها فتداخلت أساليبها مع تداخلات العالم الواقعي والخيالي وصارت أكثر تعقيدًا وأعمق تركيبًا، وكثُر كتَّابها وقرَّاؤها الذين ساهموا بالحفاظ عليها ونشرها واستمرار تطورها.