بقلم / دعاء عبد السلام
تحتل مصر مكانة خاصة في قلوب المسلمين، لا سيما لما لها من صلة وطيدة بتاريخ أهل البيت الكرام عليهم السلام. فقد كانت أرض الكنانة ملاذًا وموطنًا كريمًا لعدد من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث استقروا بها، وتركوا بصمات روحية وثقافية عظيمة.
بدأت رحلة أهل البيت إلى مصر في أعقاب الفتنة الكبرى واضطراب أحوال الخلافة، إذ اضطرت بعض السلالة الطاهرة إلى طلب الأمان في البلدان البعيدة عن مراكز الصراع السياسي. ويروي التاريخ أن السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، شقيقة الإمام الحسين، قصدت مصر بعد واقعة كربلاء طلبًا للأمان والرعاية. استقبلها أهل مصر بإجلال ومحبة، وأكرموها حتى وافتها المنية ودُفنت في القاهرة، حيث ضريحها الشهير في حي السيدة زينب، الذي صار مزارًا ومركزًا روحياً حتى يومنا هذا.
كما احتضنت مصر رفات السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي عليهم السلام، وهي واحدة من أعلام العترة النبوية. وقد استقر بها عدد من ذرية الإمام الحسن والإمام الحسين، فنشروا علوم الدين والفقه والتقوى، وأسهموا في إثراء الحياة الروحية والفكرية للمجتمع المصري.
وجود أهل البيت في مصر لم يكن مجرد حضور عابر، بل غدا جزءًا من هوية الأمة. انتشرت محبتهم في وجدان الشعب المصري، فشيدت المساجد والتكايا والاحتفالات بمناسباتهم، وصار حب آل البيت رابطًا يجمع قلوب الناس على اختلاف طبقاتهم
رحلة أهل البيت إلى مصر تحمل رسالة عظيمة عن الصبر والصمود، وعن قدرة الحب الصادق لآل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتجاوز الحدود ويؤسس روابط روحية باقية. لقد صارت مصر بفضل هذا التاريخ العريق حاضنةً للذكر والولاء لأهل البيت الأطهار، حتى غدت موطنًا للتبرك والزيارة ومصدر إلهام للأجيال.
التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
إضافة تعليق