تقرير  : شروق السيد

يخشى الكثير من دول العالم و خصوصا الدول المجاورة ل”إثيوبيا”، من مخاوف اندلاع حرب جديدة تعيد البلاد إلى  الصراع الذي لن تستطيع مواجهته ، وتعميق الاختلافات العرقية والسياسية التي يعاني منها الاثيوبين منذ عقود.

“مخاطر المواجهات بين الجيش وإقليم تيجراي”

وفقا لموقع “BBC” ، إن هناك مخاطر جسيمة قد تؤدي بالبلاد إلى  القاع ، وتضيع ال 8 سنوات التي حاولت فيها الحكومة الإثيوبية ، ضخ الإصلاح والتنمية للنهوض بالبلاد ، لكن نشوب خلاف عسكري بين الجيش الأثيوبي بقيادة رئيس الوزراء “أبي أحمد ” ، وجيش إقليم “تيجراي” ، قد يصل بالبلاد الي ما لا يحمد عقباه، بجانب انهيار الاقتصاد وزيادة حالات المجاعات إذا استمرت الحرب .

تخوض إثيوبيا حاليا معركة ضد أعمال العنف العرقية التي أربكت مخططات “آبي أحمد” الإصلاحية، وتهدد الفيدرالية العرقية للبلاد ، و تشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن المواجهة المسلحة في إقليم “تيجراي” قد تؤدي لاندلاع حرب أهلية، وقد تؤدي إطالة أمد الصراع في “تيجراي”، إلى إرهاق الجيش وخلق فراغات أمنية في مناطق مضطربة أخرى في “إثيوبيا” خاصة في “أوروميا”، و “بينيشانغول غوموز”، لا سيما إذ ما حشدت الحكومة الكثير من القوات للحرب ،و ربما تمتد تداعيات الصراع إلى إريتريا المجاورة، إذ أفاد موقع “ميسكيريم” الإلكتروني الموالي للمعارضة في دولة “إريتريا” بأن “أسياس أفورقي”،رئيس البلاد التقى بكبار مسئولي الجيش لبحث تطورات الوضع في “تيجراي”، و من شأن الصراع أن يزيد من تأخير إجراءات ترسيم الحدود الإثيوبية الإريترية، والتي ما تزال عالقة رغم توقيع اتفاق السلام في عام 2018.

“لماذا إقليم تيجراي”

هيمنت نخبة إقليم تيجراي على السلطة في إثيوبيا منذ الإطاحة بزعيم المجلس العسكري “منجستو هيلا ميريام” عام 1991، وحتى مجيء “آبي أحمد” إلى السلطة في إبريل لعام 2018، والذي تعهد بإدخال إصلاحات سياسية،و قد تراجع نفوذ جبهة تحرير شعب “تيجراي”  (الحركة السياسية الأكبر في الإقليم) منذ ذلك الحين، واتهمت الحركة رئيس الوزراء بإقصاء مرشحيها عن الحكومة والجيش، كما اتهمت أديس ابابا بشن حملة ضد الولاية وضد عرقية تيجراي باكملها.

ويري الخبير في الشان الأفريقي “سام مورونجا” ، أن محاولات إبعاد زعماء “تيجراي” عن الشؤون الفيدرالية أدت إلى زيادة تعنتهم في المقابل وتهديدهم بالانفصال عن البلاد ، مما دعي الأمر الي ما ينقله وسائل الإعلام عن الحال التي يمر بها إثيوبيا، كما ذكر “مورونجا” ،انه في خطوة تهدف لتوطيد سلطاته، قام “آبي أحمد”، بحل تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الحاكم سابقا، وتأسيس حزب الرخاء الذي عارضته جبهة تحرير شعب تيجراي ورفضت الانضمام إليه لانه سيضر بشعبية الجبهة أمام العرق التيجرايي.

و أوضح الخبير في الشأن الإفريقي ، ان “الجيش الفيدرالي” وقوات “تيجراي”، ويقدر عدد أفراد الجيش بما يتراوح بين( 160 الفا إلى 200 ألف جندي) ، ولا يعرف بشكل واضح حجم القوات الخاصة بإقليم “تيجراي”، غير أن “ديبريتسيون غيبرمايكل” حاكم الولاية قال إنها مستعدة لـ هزيمة القوات الفيدرالية رغم الأنباء عن حدوث انشقاقات في صفوفها.
وعن سبب الخلاف ، صرح ” مورونجا سابقا لوسائل إعلام إفريقية ، ان ولاية رئيس الوزراء “آبي احمد” ، انتهت قبل إعلان حالة الطوارئ في البلاد؛  بسبب انتشار فيروس كورونا، وعلي اساسه توفقت الانتخابات الا أن ” تيجراي” ، قررت إجراء الانتخابات فيما أسماه، نهاية عهد “أبي أحمد “.

” هروب الاثيوبيين”
أوضحت منظمة حقوق الإنسان ان ما يقرب من 10 آلاف من الاثيوبين هربوا من الحرب وجرائم القتل العنيفة بين الطرفين بجانب انقطاع المساعدات الطبية والغذائية في الاقليم ،إلى  السودان باعتبارها الدولة المجاورة للاقليم محل النزاع ، وبرغم إغلاق “السودان” ، حدودها ، الا أن الخطر سيجوب أراضيها لا محالة مما سيؤثر بالسلب علي السودان الذي يعاني من صراعات داخلية وأزمات إقتصادية تجر البلاد الي القاع.

“الأمم المتحدة تحذر وابي أحمد يرفض الحوار”

حذرت الأمم المتحدة من ما تشهده إثيوبيا، “جرائم الحرب”، في إشارة إلى ما رصدته تقارير من عمليات قتل جماعي تعرض لها مدنيون في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا.

و دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان “ميشيل باشيليت” إلى إجراء تحقيق استنادا إلى تقارير تفيد بأن مئات الأشخاص تعرضوا للطعن حتى الموت في إحدى القرى، فيما اتهم رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” قوات موالية للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بارتكاب مجزرة ضد مدنيين شمالي الإقليم الذي يشهد صراعا منذ الأسبوع الماضي.

وصرح “آبي أحمد” إن القوات الفيدرالية الإثيوبية قد “حررت” الجزء الجنوبي من إقليم تيجراي في “انتصار للمدنيين الأبرياء الذين تعرضوا لمذبحة وحشية في منطقة ماي-كادرا”، ولكن التقارير أوضحت ان الوضع الراهن يعكس ما يصرح به رئيس الوزراء .

“مصير سد النهضة”

تصاعد الأزمة في إثيوبيا لا يبشر بخير لها، في وقت تواجه فيه أديس أبابا خلافا كبيرا مع القاهرة بشأن إقامة مشروع “سد النهضة”، التي بدأت في تنفيذه أثناء انشغال مصر بثورة يناير 2011 ،موضحا أن مشروع النيل الأزرق لتوليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا ، تعتبره مصر تهديدا وجوديا لا يمكن التغاضي عنه.

وفقا لما نقلته صحيفة ” Sputnik عربي” ، ان هذه الحرب التي تضرب إثيوبيا، ستؤثر حتما على سد النهضة، حيث أن الوضع السياسي فيها هش جدا،و هناك تداعيات لتلك الأزمة على الوضع الداخلي وأيضا على السياسات الإثيوبية الخارجية وكذا على وضع العلاقات مع السودان، وعلى كل حال سيكون سد النهضة جزء من تلك النتائج التي ستتأثر بها إثيوبيا.

وأشارت الصحيفة، إلى أن أزمة سد النهضة لها علاقة بالمناطق التي بها إضطرابات حاليا في قبيلة “التيجراي”، ومناطق أخرى مثل:  مناطق منابع النيل، وبالتالي فإن تلك الأزمة سوف تنسحب على الحكومة وعلى المنطقة بالكامل بما فيها مناطق سد النهضة.

وفقا لما نشرت موقع “العربية.نت” ، نقلا عن الدكتورة “سحر غراب”، استاذة الانثروبولوجيا بجامعة القاهرة ،و الباحثة المتخصصة في العرقيات باثيوبيا ، إنه لو حدث وانفصل إقليم “بني شنقول” القريب من اقليم “تيجراي” ،و عاد للسودان، فمصير سد النهضة سيكون غامضا، فالإقليم فقير الموارد ولن يستطيع إكمال بناء السد، فضلا عن أن السكان يرفضون السد من الأساس، وبالتالي قد يتوقف البناء، أما لو لم ينفصل الإقليم وظل تابعا لإثيوبيا وانشغل رئيس الوزراء في حربه مع إقليمي تيجراي والأورمو فإن الأموال التي كانت تخصص لبناء السد سيتم توجيهها لتمويل الحرب والنزاع، خاصة أن مصر نجحت في وقف التمويل الخارجي للسد، وتقوم إثيوبيا حاليا بإكمال البناء من موازنة الدولة وتبرعات المواطنين، وهو ما قد يتوقف بعد تحويل هذه الأموال لتسليح الجيش وتمويل نفقات الحرب.