كتبت : وفاء عاشور

ماهو الصلح الذى نقضت فيه قريش عهدها مع الرسول- صلى الله عليه وسلّم- وماذا ترتب على هذا النقض؟

عقد الرسول -صلى الله عليه وسلم – مع قريش صلحاً عرفُ بصلح الحدبيية فى شهر ذى القعدة من العام السادس من الهجرة ، واستمر لمدة عشر سنين وخيروا فيه القبائل والناس ، من أراد أن يدخل حلف للإسلام ، ومن أراد أن يدخل فى حلف قريش فله حرية الإختيار .

وبناءً على ذلك إنضمت قبيلة خزاعة لحلف المسلمين ، وقبيلة بنو بكر لحلف قريش ، وذات يوم تعرضت قبيلة خزاعة لعدوان من بنو بكر وقتلوا منهم نحو عشرين رجلاً بالقرب من بئر الوتر .

فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال:

يا رب إني ناشد محمدا … حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فانصر هداك الله نصرا أيدا … وادع عباد الله يأتوا مددا

إن قريشا أخلفوك الموعدا … ونقضوا ميثاقك المؤكدا

هم بيتونا بالوتير هجدا … وقتلونا ركعا وسجدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا … وهم أذل وأقل عددا

قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم ، والله لأمنعكن مما امنع نفسى منه ودعا الله قائلاً اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبتغيها فى بلادنا ، وكان هذا الفتيل الذى اشتعل لفتح مكة ونصرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لقبيلة خزاعة ونتيجة النقض للعهد .

متى أمر الرسول المسلمين وأهله بالتجهز للخروج إلى مكة ، وكم كان عدد المقاتلين ، وأين يقع مرّ الظهران ؟

أخذ الرسول يجهز للخروج إلى مكة وتحرك بجانب جيش المسلمين إلى مكة فى منتصف رمضان من السنة الثامنة من الهجرة ، وبلغ عدد المقاتلين نحو عشرة ألاف مقاتل وعندما وصلوا إلى وادٍ بالقرب من مكة المكرمة يدعى بمرّ الظهران أقاموا خيامهم وأمرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإيقاد النيران .

كيف أثرت قوة جيش المسلمين والرسول -صلى الله عليه وسلم – فى نفس قبيلة قريش والمحالفين ليها ؟ 

بعثوا أبا سفيان بن حرب يتحسس الأخبار وقالوا: إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا، فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء ، فلما رأوا العسكر ذُعْروا منهم .

وكانت هذه المباغتة دافعا لأبي سفيان ليقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول له رسول الله ويحك ياأبا سفيان أم أن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله فدخل أبى سفيان الإسلام ، وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يرى منه قوة المسلمين وكثرة عددهم ، حتى يخبر بها أهل مكة فيوهن قوتهم وعزمهم.

فرجع أبى سفيان مسرعاً إلى مكة يصيح بِأَعلى صوت : يا معشر قريش ، هذا محمد ، قد أتاكم بما لا قبل لكم بيه ،

ثم قال : من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ، فقالوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ وَمَا يغني عَنَّا دَارُكَ، قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ) .

هروع الناس إلى ديارهم وإلى المسجد واغلقوا أبوابهم عليهم ، ودخل جيش المسلمين مكة فى صباح يوم الجمعة الموافق العشرين من رمضان السنة الثامنة الهجرية ، ودخل النبى مكة من أعلاها وهو يقرأ قوله تعالى( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) .

وتوجه نبى الله بعد ذلك إلى الحرم وطاف بالكعبة وأمر بتحطيم الأصنام المصفوفة حولها، ثم قال:  يا معشر قريش ماترون إنى فاعلاً بكم، قائلوا خيراً أخاً كريماً إبن أخاً كريماً فعفى عنهم وقال إذهبوا أنتم الطلقاء ، وجسد لنا رسول الله عند عفوه لمعشر قريش أهم السمات المطلوب تواجدها فى الإنسان وهى العفو عند المقدرة والتسامح .