ردت الميليشيات الحوثية على الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمام مجلس الأمن بالتمسك برفض تمديد الهدنة وتوسيعها واتهمت المجتمع الدولي بالعدائية، مع الاستمرار في طرح شروطها التي يرى الوسيط الأممي أنه لا يمكن تلبيتها، وفق ما أورده في الإحاطة.

إصرار الحوثيين المدعومين من إيران على رفض تمديد الهدنة وتوسيعها، جاء في وقت جددت فيه الحكومة اليمنية على لسان مندوبها في الأمم المتحدة مواصلة دعمها لمساعي غروندبرغ في سياق حرصها على تخفيف المعاناة الإنسانية.

وكان المبعوث الأممي أكد لمجلس الأمن أن الحوثيين رفضوا مقترحه بتمديد الهدنة وتوسيعها معبرا عن أسفه، كما أبدى تحذيره للجماعة من عودة القتال مجددا والتفريط في مكاسب الهدنة خلال أكثر من ستة أشهر.

وتنص خطة غروندبرغ المرفوضة من قبل الحوثيين على استمرار وقف جميع العمليات الهجومية وتعزيز لجنة التنسيق العسكرية كقناة نشطة للتواصل والتنسيق لخفض التصعيد، وعلى آلية صرف شفافة وفعالة لدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية والمعاشات التقاعدية بانتظام، وعلى فتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى على مراحل، إلى جانب زيادة عدد الرحلات والوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي، والتدفق المنتظم للوقود عبر موانئ الحديدة ودون أي عوائق، إضافة إلى الالتزام بالإفراج العاجل عن المحتجزين.

كما يتضمن المقترح إنشاء هياكل لبدء المفاوضات حول القضايا الاقتصادية ووقف دائم لإطلاق النار، واستئناف عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية من أجل العمل على إيجاد حل شامل للنزاع.

وبحسب ما أوردته المصادر الإعلامية الحوثية، علقت خارجية الجماعة الانقلابية على الإحاطة، مجددة طرح شروطها التى كان وصفها مجلس الأمن الدولي في بيان سابق بالمتطرفة.

وتشترط الميليشيات الحوثية فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة دون قيود لتسهيل تهريب الأسلحة والخبراء الإيرانيين، كما تشترط دفع رواتب مسلحيها وتقاسم عائدات النفط والغاز المصدر من المناطق المحررة مع الحكومة الشرعية، دون أن تتحمل أي تبعات من الأموال التي تجنيها من عوائد موانئ الحديدة والضرائب والجمارك وموارد قطاع الاتصالات والمؤسسات الحكومية الخاضعة لها. وهاجمت الميليشيات الحوثية اجتماع مجلس الأمن في بيانها، ووصفت المجتمع الدولي بأنه «يعاني من انحسار قيمي وأخلاقي غير مسبوق في تاريخ البشر». كما اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بأنها تتخذ من الجماعة «مواقف عدائية» وبأنها تتسبب في «إعاقة السلام وإطالة أمد الحرب بهدف جني المكاسب غير المشروعة» وفق ما زعمه البيان.

من جهتها، قالت الحكومة اليمنية إن جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن تعرضت لانتكاسة كبيرة بسبب تعنت الميليشيات الحوثية وإصرارها على استغلال معاناة اليمنيين لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وأكد المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي أن الميليشيات الحوثي لم تصغ للنداءات الصادرة عن مجلس الأمن والمجتمع الدولي للتخلي عن خيار الحرب وتغليب لغة الحوار ومصالح اليمنيين من خلال تمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت منذ 2 أبريل (نيسان) 2022 وجلبت العديد من المنافع للشعب اليمني نتيجة التنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية للتخفيف من المعاناة الإنسانية.

وقال السعدي إن الحكومة في بلاده «أبدت جميع أشكال المرونة والتعاون مع المبعوث الخاص لتجاوز العقبات التي اختلقتها الميليشيات الحوثية»، مجددا التأكيد على «التزام مجلس القيادة الرئاسي الثابت وتمسكه بخيار السلام والتعاطي الإيجابي مع جميع الجهود والمساعي الإقليمية والدولية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن وإنهاء الصراع وفق مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2216».

ومع تأكيد السعدي على دعم الحكومة اليمنية للمساعي الأممية لتمديد الهدنة وتوسيعها فإنه أكد أن ذلك «لا ينبغي أن يكون على حساب مستقبل وتطلعات اليمنيين، وتفريطًا في السيادة، وتمكينًا للميليشيات الحوثية».

وجدد المندوب اليمني مطالب حكومة بلاده بتفعيل المواقف الدولية لردع سلوك الميليشيات، وممارسة المزيد من الضغط لجعلها تنصاع لخيار السلام وإنهاء الحرب.

وقال السعدي إن الحكومة في بلاده «تعاملت بإيجابية مطلقة مع المقترح الأخير للمبعوث الخاص وسعت من خلال تجديد الهدنة إلى توسيع الفوائد لجميع اليمنيين انطلاقاً من حرصها وبذلها جميع الجهود الرامية للتخفيف من المعاناة الإنسانية لجميع الشعب في كل المحافظات دون أي تمييز، حيث إن الهدف الرئيسي للهدنة هو إيقاف نزف الدم اليمني الذي تزهقه حرب الميليشيات الحوثية، وضمان حرية حركة المدنيين والسلع التجارية والمساعدات الإنسانية».

وجدد المندوب اليمني اتهام الميليشيات الحوثية بأنها تعمدت «الهروب من استحقاقات السلام بافتعال التعقيدات المتتالية وفرض الشروط لإفشالها وإطالة أمد الحرب ومفاقمة الأزمة الإنسانية».

وأوضح السعدي أن الحكومة اليمنية «حافظت على سريان الهدنة من خلال ضبط النفس وتسهيل وصول أكثر من 1.435 مليون طن من الوقود عبر موانئ الحديدة والذي بلغت إيراداته الضريبية والجمركية ما يزيد على 203 مليارات ريال يمني (حوالي 300 مليون دولار) نهبتها الميليشيات الحوثية وحرمت الموظفين في مناطق سيطرتها من مرتباتهم، بل سخرتها لمجهودها الحربي والانتفاع الشخصي. كما سهلت الحكومة 102 رحلة تجارية من وإلى مطار صنعاء، متجاوزةً العراقيل التي افتعلها الحوثيون بشأن وثائق السفر الرسمية».