تقرير:شروق السيد

عاودت جبهة “البوليساريو”، و تعني بالإسبانية “الجبهة” هي وليدة الجمهورية العربية الصحرواية الديمقراطية، استفزاز كلا من دولة المغرب و دولة موريتانيا، في حين اشتداد التوتر القائم بين المغرب و الجزائر ووقف إطلاق النار التي أبرمته الجبهة مع المغرب لاستقرار كلا المناطق المجاورة للاقليم الصحراوي الغربي .

“الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية دولة ام جبهة”

لم يعترف العالم بعد بهيمنة تلك الدولة سياسيا ، ولم يطلق عليها دولة لها اساس عالمي او علاقات دولية ،فما هي تلك الدولة وكيف تشكلت؟.
الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية هي دولة عربية ذات اعتراف محدود ومستعمرة سابقة لإسبانيا، تقع في غرب أفريقيا على المحيط الأطلسي يحدها من الشمال دولة “المغرب” ومن الشرق دولة “الجزائر”، ومن الجنوب دولة “موريتانيا” ومن الغرب “المحيط الأطلسي” ، أعلنت جبهة “البوليساريو” قيام الجمهورية العربية الصحراوية في 27 فبراير لعام 1976 ، وتشكلت أول حكومة صحراوية برئاسة “محمد الأمين أحمد” في 6 مارس 1976 وضمت عددا من الوزارات الميدانية التي سارعت إلى تنظيم واستكمال الهياكل التنظيمية والإدارية، تسيطر جبهة “البوليساريو” على نسبة تتراوح من 20% حتى 25% من الإقليم الصحراوي المتنازع عليه ، و تطلق الحكومة الصحراوية على هذه المناطق “المناطق المحررة” أو “المنطقة الحرة”، أما المنطقة المتبقية المتنازع عليها من الصحراء فتديرها الحكومة المغربية وتطلق عليها اسم الأقاليم الجنوبية، و تعتبر الحكومة الصحراوية المنطقة الخاضعة تحت الحكم المغربي منطقة محتلة، وبالمقابل فإن الحكومة المغربية تعتبر المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الجمهورية الصحراوية منطقة عازلة، فيما تعد مدينة “العيون” و هي العاصمة التي تزعمها الجمهورية الصحراوية ولكن نقلت حكومة الجمهورية الصحراوية العاصمة المؤقتة من “بئر لحلو” إلى “تفاريتي” عام 2008، ويبلغ عدد السكان وفقا لإحصائيات عام 2010 حوالي 585,502 نسمة،وعملتها الرسمية هي “بيزيتا صحراوية” ، وتتبع الدين الإسلامي علي مذهب الإمام مالك.

“الاتحاد الإفريقي و جبهة البوليساريو”

تقيم الجمهورية الصحراوية علاقات دبلوماسية مع 38 بلد تعترف بها معظمها دول أفريقية والباقي دول ذات توجه شيوعي، وتتمتع بعضوية كاملة في الاتحاد الأفريقي، لكن جبهة البوليساريو ليست عضوا في الأمم المتحدة ولا جامعة الدول العربية، وذلك تضامنا مع الحملة التي تقودها المغرب ضد هذه الجبهة مما يؤدي الي عرقلة اعتراف العالم بتوجه و حقوق الجبهة.

“النزاع مع المغرب”

حاولت منظمة الأمم المتحدة تنظيم استفتاء لتقرير المصير منذ 1991 تحت غطاء بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية “المينورسو” ، الخلاف بين المغرب والبوليساريو حول كيفية تطبيق الاستفتاء، ومن يحق له التصويت (تحديد الهوية) ؛ أدى إلى تأخير الاستفتاء طويلا، كما وجهت اتهامات متبادلة بتوطين الأفراد في منطقة الصحراء، ومخيمات تندوف للتأثير على التصويت، أدت هذه المشاكل إلى اعتبار المغرب خيار الاستفتاء صعب التطبيق واقترح الحكم الذاتي كحل وسط وقابل للتطبيق لحل النزاع ولاقى استحسانا دوليا واسعا ، لكن جبهة “البوليساريو” رفضت خوفا من محاولات الانتقام من طرف الجيش المغربي ومحاولته تصفية قيادتها العسكرية وهذا لخبرة المغرب الكبيرة بتلك النزاعات.

تقيم “البوليساريو” ، علاقات مع العديد من البلدان خاصة الدول الإفريقية جنوب الصحراء، فضلا عن عضويتها الكاملة في منظمة الوحدة الإفريقية، مما دفع المغرب للانسحاب منها ثم عودة المغرب للإتحاد الإفريقي سنة 2017، ولكن جبهة “البوليساريو” ليست عضوا في الأمم المتحدة ولا جامعة الدول العربية.

و حسب تصريح “كوفي عنان” ، الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي نشر في تقرير لسنة 2006، فإنه لا يوجد أي بلد عضو في الأمم المتحدة يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

في هذا السياق نقلت وكالات أخبار محلية نشوب مناوشات عسكرية بين الجبهة والجيش المغربي بعد مرور أكثر من ثلاث عقود علي وقف إطلاق النار ،في زيادة التوتر بين الطرفين، وخوفا من نشوب حرب علنية بينهما ، وإعلان جبهة البوليساريو الحرب بدأت مع المغرب.

“موريتانيا في أوج العاصفة”
نشرت مصادر اعلامية ، إن الجيش الموريتاني انتشر في المنطقة المتاخمة للحدود مع الصحراء الغربية؛  تحسبا لأي طارئ بعد اندلاع أزمة إغلاق المعبر الحدودي “الكركارات” بين المغرب وجبهة البوليساريو.

وأوضحت المصادر أن الجيش الموريتاني دفع بعدد من وحداته إلى منطقة “بولنوار” المتاخمة لمنطقة ” الكركارات” خشية اندلاع معارك بين المغرب والجبهة الانفصالية، بهدف تأمين الحدود الشمالية الغربية لموريتانيا مع أراضي الصحراء الغربية، خاصة المنطقة العازلة التي تراقب فيها قوات الأمم المتحدة وقف إطلاق النار بين الطرفين.

وتلتزم موريتانيا الحياد في النزاع بين البوليساريو والمغرب منذ وقعت اتفاقا يقضي بانسحابها من النزاع في 1979 مع الجبهة والتخلي عن مطالبها في إقليم الصحراء الغربية التي كانت مستعمرة إسبانية.

“الدعم الجزائري و توتر العلاقات مع المغرب”

دائما ما يرتبط اسم الجزائر في أي خبر إعلامي يتناول النزاع بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو ،وذلك يعد حضور يعود بالأساس إلى احتضان الجزائر لمخيمات “تندوف” ، مقر جبهة “البوليساريو” ، ودعمها المتواصل لهذه الجبهة، رغم تأكيد الجزائر ولو على الصعيد الرسمي أنها ليست طرفا في النزاع.

ولعل من وراء هذا الدعم الجزائري الذي تحظى به “البوليساريو” ، مواقف تاريخية تتعلق بالتوتر الذي طبع علاقات المغرب والجزائر منذ السنوات الأولى لاستقلال الدولتين، وتباعدها على المستويين السياسي والعسكري، وكذا تضارب مصالح دولتي الاستعمار اسبانيا وفرنسا على اعتبار أن هذه المنطقة تعتبر من مناطق نفوذهما التقليدية.
وفقا لموقع CNN ، ان الجزائر استطاعت تجنيد دبلوماسيتها وفق رؤية خاصة، بحيث تم الاعتراف بقضية الصحراء الغربية من طرف دول الاتحاد الإفريقي، وهو ما جعل المغرب يخرج من هذا التكتل الإفريقي”.

“كيف تستفيد الجزائر من دعمها للبوليساريو”

رؤية الجزائر لمخرجات القضية الصحراوية هي زاوية “أمنية معقدة”، فتأزم الأوضاع الأمنية ،ما أضحى محرّكًا لأهم الملفات التي أضحت تحكم العلاقات الثنائية “الجزائرية-الصحراوية” دون إغفال المسائل السياسية معا”.

ويعد التركيز الجزائري علي مسألة الإدارة الأمنية للحدود و تبادل المعلومات الاستخباراتية، و كذلك الحد من حالة التوتر المتصاعدة بين البوليساريو و المملكة المغربية”، في أن الجزائر تنظر إلى “البوليساريو” على أنه “فاعل لا يمكن التنازل عنه كونه جزء من شبكة الحلول الأمنية في المنطقة”.

في حين يري خبراء سياسيين بارزين ان الجزائر تستخدم جبهة “البوليساريو” ، كسلاح لارباك المغرب و الدخول في حرب في منطقة متنازع عليها من عقود بين الجزائر والمغرب وموريتانيا قبيل الاستعمار الفرنسي و الأسباني، كما أن الخلافات السياسية بين الجزائر والمملكة المغربية ليست في وضع جيد ؛ بسبب تراث النزاع السياسي القائم حتي يومنا هذا .

أما الخوف من نشوب حربا عسكرية في هذا الوقت ليس شيئا اكيدا، وإنما مجرد مناوشات حيث ان خبرة المغرب في الحروب وعدم اعتراف الدول الكبري بدولة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وكذلك الأوضاع العالمية بسبب كورونا ، سيؤدي بخسائر على كل الأطراف والمنطقة بأكملها، وهذا الذي لا يريده اي دولة في تلك المنطقة .