كتبت: إسراء عماد

تحدث المخرج «عصام السيد»، عن توليه إدارة «المسرح الكوميدي»، خلال المحور الفكري «150 سنة مسرح»، الذي يقام على هامش فعاليات «المهرجان القومي للمسرح المصري»، في دورته الثالثة عشر، برئاسة الفنان «يوسف إسماعيل»، قائلًا:  “توليت عام ١٩٩٥، إدارة المسرح الكوميدي، وكانت فترة تفجيرات وإرهاب، ورأيت أنه لابد أن يكون لنا دور تنويري، فكان المسرح الكوميدي يقيم ندوات وأمسيات فنية وشعرية، ومعارض تشكيلية، ولم يحدث أن يمثل المسرح الكوميدي مصر رسميًا في مهرجان دولي، إلا أثناء إدارتي، بعرض «رصاصة في القلب»، كما شهدت أطول فترات عرض في تاريخه منها عرض «البخيل»، الذي استمر عرضها لعام كامل”.

 

وتابع «السيد»:  “ما كان المسرح مفتوح لكل الأجيال وكل الناس، وقدم مجموعة من مخرجين مختلف الأجيال أعمالهم على خشبته، بينما لم أخرج عرضًا واحدًا في مكان توليت إدارته، ولكني أنتجت لـ: «سعد أردش، وحمادة شوشة، ونهال كمال، وخالد جلال، وناصر عبد المنعم، وعاصم نجاتي»، كذلك شهدت تلك الفترة، صعود فرقة مستقلة على خشبة المسرح الحكومي، للمرة الأولى، بالإضافة لأمسيات لا أنساها كأمسية ل«سيد حجاب»، وأمسية «النكتة السياسية، لعادل حمودة، وجمعة فرحات»، والتي شهدت بين حضورها «عادل إمام»، للمرة الأولى، كما نظمت ورش فنية في المسرح، أو كانت فكرة الورش جديدة، إذ كان من مقدميها «محمد عبد الهادي، وكامل حلمي، وهشام عطوة»”

 

وأضاف «السيد»:  “عندما توليت رئاسة «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، لم يكن همي المنتج الفني، وإنما تعليم الناس، وخلق ظهير شعبي مستنير، حتى أنني كنت أرسل مدرب أكاديمي متخصص، للمناطق النائية والحدودية، ولا أطالبهم بإقامة عروض، وإنما حث الناس على النقاش والتفكير، ولم يتعارض ذلك مع حصول فرق الهيئة على جوائز عديدة، وبالمثل كانت إدارتي للثقافة الجماهيرية التي اعتبر نفسي من أبنائها”، مستطردًا : “أنا ابن الثقافة الجماهيرية، ولابد أن أتوجه بالشكر إلى «أحمد مجاهد»، الذي أعطاني كل الصلاحيات حينها، فأحضرت المتميزين، وناقشت مشاكلهم، وقمت بحلها، كما أن فترة إدارتي لمسرح التلفزيون، اعتبرها تجربة مهمة رغم أنها لم تستمر إلا عشرة أشهر، وقدمت خلالها ثمانية عروض، ما بين مسرح الطفل والغنائي، والعروض الموسيقية، والراقصة والدرامية”.

 

من جانب آخر، انتقد «عصام السيد»، عدم توثيق الجيل الأول من مخرجي المسرح المصريين، فقال:  “هذا الجيل مظلوم، بدايةً بـ«حسن عبد السلام»، إذ أن الدراسات التي تكتب عن المخرجين قليلة، فلا تكفي دراسة واحدة لـ«سمير العصفوري»، ومثلها لـ«فهمي الخولي، ولسعد أردش»، وهذا ما دفعني للكتابة عن زملائي المخرجين، ومنها تجربتي في توثيق تجربة المخرج «أحمد إسماعيل»، في الثقافة الجماهيرية، بإحدى القرى التي سافرت لها بنفسي، كما كتبت عن «لينين الرملي، وفهمي الخولي»”.

 

وعن تعاونه مع كاار نجوم الفن في مصر، قال «السيد»:  “الفضل الأول للورق الجيد، ثم ثقة الفنان في كمخرج، ومنهم مَن كانت تبدأ علاقتي بهم بمشاكل، وخاصةً في البروفات؛  لأنني لابد أن أكسر للنجم كليشيهات بداخله، وهذا يتطلب مجهودًا، فإذا لم يشعر الفنان أن الدور يضيف له، فلن يستطيع الإبداع فيه، فمثلًا لم يكن يتوقع أحد نجاح «أهلا يا بكوات»، مع «حسين فهمي»، ولكنها نجحت، وعُرِضَت سنوات طويلة، كذلك الفنان «فؤاد المهندس»، الذي عرفني شخصيًا وفنيًا، ووضعني في أكثر من اختبار خلال عملي معه في مسرحية «روحية اختطفت»، وكنت عامل نفسي مش واخد بالي، وفي لقاء تليفزيوني، بعد العرض، سمعته يقول “: جابولي شاب مخرج صغير، ولكني فوجئت أنه اختراع”.

 

وأضاف «السيد»: “عندما أتولى مسؤولية إخراج أي عرض أذاكره جيد، والشخصية في النص المسرحي هي التي تستدعي الممثل، ولا اختار بالنجومية، وقد أجلت عرضًا لعامًا كاملًا، بعد تعرض الفنانة «أمينة رزق»، لحادث وكانت إحدى بطلاته، لأني لم أجد غيرها يليق بالدور”.

 

وقدم المخرج «عصام السيد»، عدة نصائح للمخرجين الشباب منها: “لاطلاع على السابق، لأن الأجيال الجديدة لا تعرف عن الماضي، وألا يُعطى النص للممثلين إلا عندما ينتهي من مذاكرته وتخيله كاملًا، حتى يستطيع الإجابة على كل سؤال يوجه إليه، وأن يعتمد في اختياراته للفريق على «الهارموني»، بين الفريق، بجانب النواحي الفنية، وملامح الشخصية، ألا يتعرض لأي نص ذو إمكانيات صعبة ماديا وبشريا”.

 

وكشف «السيد»، عن مشاكل المسرح المصري حاليا، قائلًا : “لا توجد أزمة نصوص أو مؤلفين أو ممثلين أو مخرجين، وإنما أزمة الميزانيات، وحجم الإنتاج لا يكفي حجم الشعب المصري، وكذلك عدد المسارح التي تفرض مدة عرض قليلة، كما أن غياب البعثات والمشاهدات، وبالتالي لا نعرف مدى تطور غيرنا، ولا يكفي لهذه النقطة ما يتيحه المهرجان التجريبي، لأنه محدود النوعية، فأين الكلاسيكيات، والفرق الكبرى عالميا، التعلم بالمشاهدة والممارسة والاحتكاك، ولا يجب أن نخجل من طبيعة جمهورنا، ونتهمه بالسطحية، ولدينا حالة كسل، ونعاني نقل الإخراج من النت”.