أخبار أوروبا – كشفت دراسة جديدة، أن ثمّة ارتفاعاً صادماً في نسبة المبيدات السامّة التي تلوّث الفاكهة المرصوفة على رفوف المتاجر الغذائية في أوروبا، الأمر الذي يتناقض مع إدعاءات المفوضية الأوروبية بأن المزارعين يستخدمون، بنسب أقلّ، مبيدات حشرية يشتبه بارتباطها بالسرطانات والأمراض الخطيرة الأخرى.
ووجدت الدراسة التي أجرتها شبكة العمل في قضايا مبيدات الآفات في أوروبا “بي إي إن”، أن ثمة زيادة بنسبة 53 بالمائة في المنتجات الملوّثة قد سُجّلت خلال السنوات التسع الماضية.
ويقول الناشط في الشبكة المذكورة، سالومي روينيل: “لقد ازدادت مخاطر المبيدات الحشرية نتيجة ازدياد الإقبال على تناول الفاكهة”.
ويضيف روينيل أن “المستهلكين حالياً هم في وضع سيء، إذ لطالما طُلبَ منهم تناول الفاكهة الطازجة، والكثير منها ملوثٌ بمبيدات الآفات الأكثر سمية والمرتبطة بأمراض خطيرة”.
ما هي الفاكهة والخضروات الملوثة بالمبيدات؟
الدراسة التي أجرتها “بي إي إن” في أوروبا تناولت المدّة ما بين العام 2011 (وهو العام الذي كان من المفترض أن تبدأ فيه الحكومات حظر مبيدات الآفات) وبين العام 2019، ووجدت تلك الدراسة أنه بدلاً من أن تتراجع نسب المبيدات الحشرية في المنتجات الزراعية، فقد زادت باضطراد عاماً بعد آخر.
ففي العام 2019، سجّلت الدراسة أن واحدة من كل ثلاث عينات من الفاكهة في العام المذكور، كانت ملوّثة، مشيرة إلى أن نصف عينات الكرز والأجاص والدراق، التي تمّ أخذها كانت ملوّثة، في حين أن ثلث التفاح، وهي الفاكهة الأكثر تناولاً في أوروبا، كانت تحتوي على آثار لمبيدات حشرية سامة، وكانت الفواكه الأكثر تلوّثاً بالمبيدات، التوت الأسود والخوخ والفريز.
أما بالنسبة للخضار، فهي، بطبيعة الحال، أقل عرضة للحشرات والأمراض، لذا فإن نسبة تلوّثها بالمبيدات الحشرية هي أقل مما عليه الحال في الفاكهة، غير أن التحليلات التي أجرتها شبكة العمل في قضايا مبيدات الآفات، أظهرت زيادة في نسبة تلوث الخضراوات بلغت 19 بالمائة.
وتوضح الدراسة أن الخضروات الأكثر تلوثاً بالمبيدات هي الكرفس إذ وجدت أن 54 بالمائة من العينات كانت ملوثة، وفي الوقت ذاته، كانت ثلث عينات اللفت تحتوي على آثار لمبيدات حشرية.
المنتجات الزراعية الأكثر تلوّثاً
أما الدول التي سُجّل في منتجاتها الزراعية انتهاكٌ للإجراءات الصحية بسبب احتوائها على مواد كيميائية، فقد كانت بلجيكا، حيث وجدت تلوّثاً بنسبة 34 بالمائة من عينيات الفواكه والخضراوات، فيما سجّلت إيرلندا نسبة 26 بالمائة، أما في فرنسا وألمانيا وإيطاليا، فقد وجد أن ما يزيد قليلاً عن 20 بالمائة من عينيات تلك المنتجات كان عليها آثار لمبيدات حشرية.
ولاحظت الدراسة أن هناك زيادة في التوليفات الكيميائية المستخدمة في المنتجات الزراعية، مما يضاعف المخاطر على المستهلكينن ومن المعروف أن تلك التوليفات تضاعف من الآثار السلبية على الصحة، مع إمكانية وجود عواقب أخرى غير معروفة.
بلجيكا والبرتغال
وجد الباحثون أن 50 بالمائة من عينات الأجاص المأخوذة في جميع أنحاء أوروبا كانت ملوثة بـ5 عوامل كيميائية قوية، وترتفع النسبة المذكورة إلى 87 بالمائة حين يكون الحديث عن بلجيكا، وإلى 85 بالمائة بالنسبة للبرتغال.
ويحذر الباحث روينيل من أن شركة “سينجينتا” مُتعددة الجنسيات التي يقع مقرها في سويسرا، وشاركة “باير” الألمانية وغيرهما من عمالقة إنتاج المواد الكيميائية، سيقولون “إن آثار المبيدات الحشرية آمنةٌ تماماً”.
ويضيف روينيل مستطرداً: “لكنّ خبراء الصحة يقولون إن بعض المواد الكيميائية ليس لها حدود آمنة وهذا ينطبق على غالبية تلك المبيدات”.
التخلص التدريجي من المبيدات السامة
وكانت حكومات الدول الأوروبية أعلنت أنها اتخذت منحىً نحو التخلص التدريجي من المبيدات السامة، وذلك استجابة لمطالب الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص في العام 2011، لكنّ تقريراً للمفوضية الأوروبية نُشر في العام 2019 كشف أنه لم يتم العمل باتجاه التخلص التدريجي من أي من مبيدات الآفات الزراعية.
ويقول الباحث روينيل: “إنه لأمرٌ جلي أن الحكومات ليس لديها نية لحظر المبيدات، بغض النظر عن القانون”، معللاً السبب بأن الحكومات “خائفة جداً من لوبي الزراعة الذي يعتمد على مواد كيميائية قوية وأسلوب زراعة معطوب”، على حد وصفه. تقرير يدق ناقوس الخطر ويدعو منظمة “فاو” لوقف تعاونها “المسموم” مع شركات المبيدات الخطرة
تحركات أوروبية للحد من مبيدات الآفات
ويشعر أكثر من ثلث الأوروبيين بالقلق اتجاه قضية تلوث الأغذية بالمبيدات، وفي العام 2017، تم تقديم عريضة إلى الاتحاد الأوروبي موقّعة من أكثر من مليون شخص، تدعو إلى فرض حظر كامل على المبيدات الحشرية.
ومن المقرر أن تعلن المفوضية الأوروبية عن تحركات جديدة للحد من مبيدات الآفات في 22 حزيران/يونيو المقبل، وذلك في إطار المساعي الهادفة إلى حماية الطبيعة.
وتسعى المفوضية الأوروبية إلى فرض قواعد جديدة ملزمة لخفض استخدام مبيدات الآفات إلى النصف مع حلول العام 2030، لكن شبكة العمل في قضايا مبيدات الآفات “بي إي إن” في أوروبا تزعم أن جماعات الضغط تحاول التصدي لتلك المساعي.
وعلى الرغم من قتامة الصورة، فإن المستهلكين ليسوا عاجزين عن إيجاد بدائل عن الفاكهة التي تحتوي على مبيدات الآفات، وفي هذا السياق، يقول الباحث روينيل: “نحثّ الناس على شراء الفاكهة العضوية هذا الصيف، خصوصاً الحوامل والمرضعات، لأن المخاطر تقل كثيراً أو حتى تنعدم” في حال استخدام الفاكهة المذكورة، وفق تأكيده.
وإضافة إلى ما ذكره الباحث روينيل، فإن غسل الفاكهة جيداً من شأنه أن يساهم في إزالة المبيدات عنها.
التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
إضافة تعليق