بقلم : فيصل شعراوي 

حسن … شاب يبلغ من العمر عشرين عاما وكان الابن الأكبر لأسرة بسيطة تحتوى على ثلاثة أبناء بجانب الأب والأم وكان أخواه يبلغان من العمر خمسة عشر عاما ، ألتحق بكلية الحقوق، وكان ذلك الشاب طموح، حيث كان يطمح في أن يصبح عميدا لهذه الكلية، وكان يفعل كل ما بوسعه ليصل إلى مراده يذاكر بجد…. يقضي معظم وقته مع كتبه… لا يشغله عن حلمه شيء.

وذات يوم شعر الأب بضيق في التنفس فذهب إلى الطبيب، لكن الطبيب أتى بخبر ربما أبكى جميع أفراد الأسرة ولو زرفوا دماً من أعينهم فهم محقين فنعم الأب الذي هو بمثابة المظلة التي تُظل الأسرة…. وكان الخبر هو أن الأب اُصيب بمرض مزمن”chronic obstructive pulmonary disease”، وهو إنسداد رئوي مزمن يسببه التدخين استمرت الحرب بين الأب والمرض، ولكن جيش المرض كان أقوى فانتصر وفارق الأب الحياة،  وظل الحزن مقيما لعدة أيام ليكون أثقل ضيف قد نزل بهذه الديار، لكن لا بد أن تتخلص الأسرة من الحزن ليعودوا لحياتهم وعملهم…. انتهى الحزن ولكن ماتت مصيبة وولدت مصيبة اخرى… فمن سيتولى شئون هذه العائلة بعد وفاة الأب؟

فقرر حسن أن يتخلى عن دراسته وعن حلمه الذي كان يطمح فيه، متجها للعمل فهم بحاجة إلى الأموال لكي تستمر الحياة فعثر على عمل في إحدى مصانع رجل ثري وكان ذلك الرجل يثق به ويطمئن له وكان ذلك الرجل بلا زوجة وبلا أبناء.

ظل حسن يعمل لكي ينفق على أسرته وكان حريصا كل الحرص على دراسة أخويه لكى يراهم في المكانة العلمية التي حُرم منها، وكانت الأم تساعده على ذلك فعندما كان يذهب إلى العمل كانت تساعد الطالبين على أداء واجباتهم وتعينهم على المذاكرة.

مرت الأعوام والتحق كل من اخويه بكلية الطب ليصبح أحدهم طبيبا يعالج الأدمان والآخر طبيبا جراح ومرت أيام قليلة أخرى واُصيب مالك المصنع الذي يعمل به حسن ب”leukemia” “سرطان الدم”، وعندما شعر أنه على أعتاب الموت، دعى حسن وتنازل له عن ذلك المصنع ليصبح ملكه وفارق الحياة، مر عام آخر وأصبح حسن رجل أعمال وقام ببناء مصنع آخر، وكان يتبرع بنصف أرباحه السنوية لعلاج الأدمان….ضحى حسن بنفسه من أجل إنقاذ الأسرة فنهضت الأسرة لتحلق في سماء النجاح وقد عوضه القدر عما فقد من حلم وطموح…. وأصبح حسن الأب البديل لهذه الأسرة.