الرياض – يحتفي أكبر تجمع عالمي لقادة السياحة في العاصمة السعودية الرياض غدا بيوم السياحة العالمي في حدث يوصف بأنه أكبر احتفاء بالذكرى التي انطلقت قبل 43 عاما. ويشارك في الحدث الذي تحتفل به منظمة الصحة العالمية أكثر من 500 من القادة والخبراء والمسؤولين من 120 دولة حول العالم تحت شعار (السياحة والاستثمار الأخضر) بهدف الدعوة إلى “الاستثمار في الناس وكوكب الأرض والازدهار”. ويأتي القطاع السياحي في السعودية بين أهم المحاور الرئيسية في (رؤية المملكة 2030) بهدف الاسهام في توفير فرص وظيفية وتعزيز التنمية المستدامة والاجتماعية.
ووصفت منظمة السياحة العالمية السعودية بأنها ثاني أسرع وجهة سياحية نموا في العالم بعدما نما عدد الزوار القادمين إلى المملكة بنسبة 64 بالمئة خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019.
وفي إطار مساعي المملكة للتحول الى مركز جذب لقطاعي الأعمال والسياحة وافق مجلس الوزراء السعودي أواخر الشهر الماضي على نظام جديد للسياحة.
وقال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب إن هذا النظام لا يكتفي بتقديم حلول للمشكلات الحالية ولكنه يضع رؤية مستقبلية للأنماط السياحية التي قد تستجد لاحقا.
وأضاف “أن هذا الأمر سيكون عاملا حاسما لوضع المملكة في المكان اللائق بها عالميا ضمن أكثر الدول جذبا للسياح من خلال ما تقدمه من تجارب ملهمة وغير مسبوقة”. ويمنح النظام الجديد المرونة الكافية لقطاع السياحة نظرا لسرعة تطوره واندماجه مع التقنيات الحديثة من خلال أداة جديدة وهي تصاريح الأنشطة السياحية التجريبية التي تهدف الى خلق بيئة سياحية ممكنة لجميع ما يستجد في القطاع من أنشطة.
ويشمل حزمة من الإجراءات لإدارة الأزمات ودرء المخاطر وتقديم الضمانات المالية لبعض الأنشطة السياحية كما يتضمن مجموعة من المحفزات التي تعتزم الوزارة تقديمها كالإعفاء من الضرائب أو الرسوم الجمركية بعد موافقة الجهات المعنية وأن هذه الإجراءات تأتي لتهيئة البيئة الملائمة للمستثمرين والمبتكرين للانطلاق إلى آفاق أرحب وتقديم أفضل الخدمات للسائح والزائر.
وكشف الخطيب أن وزارته وضعت خططا لقطاع السفر والسياحة تمثل 3 في المئة من سوق العمل مبينا أن السياحة في المملكة حققت نموا في الناتج المحلي بنسبة 45ر4 بالمئة فيما تعتزم المملكة استثمار أكثر من 800 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
واستضافت الرياض القمة العالمية للمجلس العالمي للسفر والسياحة العام الماضي كما تحتضن الرياض المكتب الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية في الشرق الأوسط.
وفي رسالته السنوية بمناسبة يوم السياحة العالمي قال الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية زراب بولوليكاشفيلي ان “السياحة ركن من أركان اقتصاداتنا تؤدي دورا محوريا في مجتمعاتنا وفي حياتنا الفردية وتقدم حلولا لبعض أكبر التحديات التي تواجهنا بما في ذلك الطوارئ المناخية والحاجة الماسة إلى التحول إلى اقتصادات أكثر استدامة”.
وأضاف ان عام 2023 كان الأكثر حرا على الإطلاق وان الظواهر المناخية القصوى مثل موجات الحر الشديد قد تصبح أمرا مألوفا لافتا في هذا السياق الى ضرورة ان تتكيف السياحة مع تلك الظروف.
وقال انه يتعين إعادة النظر في كيفية تمويل القطاع السياحي لافتا إلى الحاجة إلى تيسير دعم المستثمرين من جميع الأنواع للمشاريع السياحية على نحو يمكنهم من إحداث تغيير فيما أكد الحاجة إلى استثمارات من شأنها أن تمكن السياحة من بناء مستقبل أفضل وأكثر إنصافا للجميع.
من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في رسالته السنوية أيضا ان السياحة قوة هائلة يمكن تسخيرها لدفع عجلة التقدم وتعزيز التفاهم المتبادل. وأضاف ان حالة الطوارئ المناخية تهدد اليوم عددا من وجهات السفر كما تهدد البقاء ذاته للمجتمعات المحلية والاقتصادات التي تعتمد على السياحة مشيرا إلى ان الكثير من البلدان النامية المتأثرة بشدة بتغير المناخ تواجه أيضا عجزا متزايدا في الاستثمار وأزمة في تكلفة المعيشة.
وأضاف “في هذا اليوم العالمي للسياحة نقر بالحاجة الماسة إلى استثمارات خضراء توظف في بناء قطاع سياحي يحقق الخير للناس وللكوكب”. وشدد في هذا السياق على ضرورة استثمار الحكومات والشركات في ممارسات سياحية مستدامة يمكن أن تصمد في مواجهة الأزمات مشيرا إلى ان جهات القطاع الخاص الفاعلة يجب ان تعتمد مسارات تفضي إلى التقليل من الانبعاثات إلى درجة الصفر وأن تخفض استهلاكها من الطاقة وأن تستفيد من مصادر الطاقة المتجددة.
وقال ان “الاستثمارات المحددة الهدف يمكن ان توفر فرص العمل وان تدعم الأعمال التجارية والصناعات المحلية وأن تؤدي في الوقت نفسه إلى التخفيف من الآثار البيئية للسياحة وإلى تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز ثقافاتها والمساهمة أيضا في أنظمة الحماية الاجتماعية الأساسية لأن الاستثمار في السياحة المستدامة هو استثمار في مستقبل أفضل للجميع”.
وفي هذه المناسبة السنوية قالت المنظمة ان حالة الاضطراب العام التي لحقت بقطاع السياحة جراء جائحة فيروس (كوفيد 19) أبرزت الفرصة لإعادة تعريف وإعادة تحديد اتجاه الاستثمارات السياحية بهدف دعم التنفيذ الناجح لخطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة بشكل أفضل.
وانطلاقا من ذلك حددت منظمة السياحة العالمية الاستثمارات باعتبارها واحدة من الأولويات الرئيسية لتعافي السياحة والنمو والتنمية في المستقبل. وسلطت المنظمة الضوء على الحاجة إلى المزيد من الاستثمارات التقليدية منها وغير التقليدية الموجهة على نحو أفضل تجاه الناس وكوكب الأرض والازدهار لتمكين السياحة من تحقيق امكانياتها الهائلة في توفير الفرص للناس وبناء المرونة وتسريع العمل المناخي وزيادة الاستدامة لكوكب الأرض وتحقيق ازدهار شامل استنادا إلى ركائز الابتكار وريادة الأعمال.
وحددت المنظمة العالمية للسياحة الاستثمارات باعتبارها أولوية رئيسية للقطاع لافتة إلى انها تشكل جسرا بين الدول الأعضاء والمقاصد السياحية والمؤسسات والمستثمرين فيما أكدت ان تلك الجهود والمساعي ستتكلل في يوم السياحة العالمي 2023 الذي سيطلق دعوة للمجتمع الدولي والحكومات والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف وشركاء التنمية والمستثمرين في القطاع الخاص لحثهم على الالتفاف حول استراتيجية استثمارية سياحية جديدة.
وفي الاحتفال العالمي بالسياحة في الرياض الذي يستمر يومين سيلقى الضوء على أهمية الاستثمار في مشاريع تخدم مصالح الناس والشعوب من خلال الاستثمارات في التعليم والمهارات وكوكب الأرض من خلال الاستثمارات في البنية التحتية المستدامة وتسريع التحول الأخضر والازدهار من خلال الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا وريادة الاعمال.
وتعتبر السياحة واحدة من أبرز القطاعات التي توفر فرص عمل حول العالم حيث عمل في القطاع في عام 2019 شخص واحد من بين كل 10 أشخاص في مختلف بلدان العالم وأثبتت السياحة انها أداة للتنويع الاقتصادي ومصدر رئيس للتوظيف له تأثير مضاعف على القطاعات الأخرى التي تساهم في التنمية الريفية.
وتحتفل المنظمة الأممية التي تتخذ من مدريد مقرا لها بيوم السياحة العالمي منذ عام 1980 وتضم في عضويتها 159 دولة وأكثر من 500 عضو منتسب يمثلون القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والجمعيات السياحية وسلطات السياحة المحلية على مستوى العالم.
ويعد هذا اليوم موعدا سنويا لبحث تحديات السياحة الدولية وسبل تعزيزها ومناقشة القضايا التي حددتها الأمم المتحدة ضمن الأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية المستدامة وتسليط الضوء على دور صناعة السياحة في تحقيقها.
التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
إضافة تعليق