بقلم المستشار الدكتور حميد باسل

 

في الأول من كانون الأول، يقف العراق وقفة وطنية مهيبة أمام ذاكرة الشرف والبطولة، مستذكرًا أبناءه الذين ارتقوا شهداء في سبيل الوطن. إن يوم الشهيد العراقي ليس مجرد تاريخ يُستعاد، بل هو محطة وطنية نستحضر عندها معنى الفداء، ونستعيد ما قدّمه الشهداء من دروس خالدة في الإيمان بالعراق والانتصار لكرامته وسيادته.

لقد شكّل الشهداء عبر العقود قاعدة صلبة لحماية الدولة العراقية بكل مؤسساتها، وكانوا درعًا في مواجهة الإرهاب، والمدّ الظلامي، والتحديات التي عصفت بالبلاد. إن تضحياتهم ليست حدثًا زمنيًا، بل هي مسارٌ ممتد أسهم في بناء الأمن والاستقرار، ورسّخ في وجدان العراقيين قيم الإقدام والشجاعة والولاء الخالص للوطن.

وفي هذا اليوم الوطني، نعاهد الشهداء بأن تبقى ذكراهم منارة تُضيء الطريق أمام الأجيال الجديدة، وأن تظل دماؤهم الزكية أساسًا لنهضة العراق وبقائه عزيزًا بمواطنيه وجيشه وأجهزته الأمنية. كما نحيّي الجرحى الذين حملوا جراحهم كأوسمة شرف، ودفعوا ضريبة الدفاع عن العراق في أصعب المواقف.

وفي لحظة الوفاء هذه، أتوجه بتحية إجلال إلى والده الشهيد و والد الشهيد، اللذين قدّما للوطن نموذجًا للرجال الذين يربّون أبناءهم على الشموخ والبسالة. إن مواقفهما تبقى راسخة في الذاكرة الوطنية، لما حملاه من صبر وثبات وإيمان بأن العراق يستحق التضحية مهما كانت عظيمة.

 

كما نستذكر زوجة الشهيد، تلك السيدة العراقية التي واجهت ألم الفقد بقوة لا يملكها إلا العظماء، وحملت رسالة زوجها الشهيد بكل وفاء، لتحفظ اسمه وتواصل ما بدأه من حبٍّ للوطن ومسيرة شرف. ونحيّي ابن الشهيد الذي يحمل اليوم إرث والده، وينشأ على قيم الرجولة والصدق والإيثار التي تركها الشهيد بصمة لا تُمحى في حياته.

 

إن ذوي الشهداء هم الامتداد الطبيعي لمسيرة الفداء، وهم الثقل المعنوي الذي تستمد منه الدولة قوتها واعتزازها، فهم شركاء الشهداء في صناعة المجد وحماية الأرض

 

يبقى الأول من كانون الأول يومًا تُجدد فيه الأمة عهدها مع الخير والحق والكرامة، وتُعلن أن العراق لن يسقط ما دام فيه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

الرحمة والمجد لكل شهيد

والعزّة لذويهم الكرام

وحفظ الله العراق وشعبه من كل سوء