كتبت:هبة ميلاد
انشغل الرأي العام بواقعة تحرش مدرس مسن بطفلة وتقبيلها داخل غرفة، خلال اجتماعه بها في حصة درس خصوصي، وهو ما تمكن من تصويره أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» من النافذة.
وفور تداول مقطع الفيديو، الخاص بالمعلم المسن، أمرت نيابة المقطم الجزئية بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت له تهمة هتك العرض، وسط مطالبات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بإعدامه.
ومؤخرًا، أحال المستشار أشرف ربيع، المحامي العام لنيابة كفر الشيخ الكلية، موظفًا متهمًا بالتحرش بطفلة داخل كشك إلى محاكمة الجنايات، في واقعة هزت حي سخا بالمحافظة على مدار الأيام الماضية.
وكان الموظف قد استغل صغر سن المجني عليها للتحرش بها داخل كشك، ولمس أماكن حساسة بجسدها، وهو ما توقف مع استماع الأب والجيران لاستغاثة الطفلة، وقدموا بلاغًا بالواقعة في قسم أول شرطة كفر الشيخ، لتلقي الجهات الأمنية القبض على المتهم بعد انتهاء التحريات
وأثار تشابه الواقعتين وتكرارهما في فترة زمنية قصيرة، العديد من علامات الاستفهام بالنسبة للجمهور، خاصةً وأن الجاني إما معلم يربي أجيالًا ويقدمها إلى المجتمع، أو موظف يخدم شريحة واسعة من المواطنين باختلافهم.
وللوقوف وراء دوافع وأسباب هذه السلوكيات من قبل البالغين تجاه الأطفال، يقول الدكتور “محمد هاشم بحري” ، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر:”إن التحرش نوع من العدوان، والذي يكون مصدره غضب لم ينجح الشخص في التنفيس عنه بشكل صحي، حتى يتحول إلى عدوان داخلي (كالإدمان والاعتداء على نفسه)، أو خارجي بالاعتداء على الآخر (تحرش واغتصاب وإرهاب).
ويضيف «بحري»، لـ« شبكة يو دبليو إن الاخبارية »، أن الغضب الذي يشعر به الشخص المتحرش له مصادر عدة، فقد يتعلق الأمر بتعرضه لمثل هذا الاعتداء خلال مرحلة طفولته، أو الإيذاء، أو الاغتصاب، وهو ما يتراكم بداخله.
ما سبق اتفق معه الدكتور “جمال فرويز” استشاري الطب النفسي، إذ قال:” إن المتحرش يعتدي على الأطفال لأمور تتعلق باضطراب نفسي وبيدوفيليا، وعليه يسعى لـ«استخدام إصبعه أو عضوه الذكري لملامسة الأعضاء التناسلية للأطفال»”.
ويؤكد «فرويز»، لـ«شبكة يو دبليو إن الاخبارية »، أن بعض المعتدين يكونون تعرضوا للاعتداء خلال طفولتهم، حتى تتكون بداخلهم صورة تدفعهم للانتقام من المجتمع، حتى يمارسون مع الأطفال هذه التصرفات، فيما يشعر البعض الآخر بالدونية، ومن منطلق الفشل في عقد علاقة مع امرأة ينتقمون من الأطفال لضعف مقاومتهم.
وعن التعامل مع الصغار ضحايا التحرش، يوضح «بحري» ،أن بعض المتخصصين يفضلون تفريغ غضب الطفل تجاه ما تعرض له، من خلال التحدث عنه أو رسم ما واجهه، ويكون هذا الأمر لمرة واحدة في حياته فقط، دون ذكر الواقعة حتى من قِبَل والديه: «واحد كان بيعيط طبطبنا عليه خلصنا».
ويشير «بحري» إلى، أن المشكلة الحقيقية بالنسبة للمجني عليهم تتمثل في الأهالي والمحيطين بهم، والذين يلجأون في بعض الأحيان إلى التهكم على الصغير بما تعرض له، حتى يعيش الصغير بـ«عين مكسورة»، وبمرور السنوات قد يتحول إلى جانٍ.
الرأي السابق أيده كذلك الدكتور جمال فرويز، والذي دعا ذوي الصغار ضحايا التحرش إلى عدم الحديث عما تعرض له الأطفال: «ما نحاولش نتكلم تاني قدام الطفل في الموضوع ده، وكل شوية تعالا أحكي لعمو ولطنط».
وبالنسبة للمتحرش، ينوه «بحري» إلى، أن دول العالم الكبرى تتعامل بحزم مع الاعتداء على الأطفال، ويتعرض الجاني للحبس 5 سنوات، كما هو متبع في فرنسا، على أن يتلقى العلاج النفسي خلالها، وبعد خروجه يستمر علاجه لـ5 سنوات أخرى، وحال تخلفه عن إحدى الجلسات تلقي الجهات الأمنية القبض عليه لإيداعه في السجن مدى الحياة.
ويكشف «بحري» ، أن جلسات العلاج النفسية للمتحرش تتمثل في تفريغ غضبه واحتواء عدوانه، بينما يختلف الحال في الدول الإسكندنافية، إذ تلجأ جميعها إلى إخصاء الجاني مباشرةً، لاستنتاجهم، بأن نتيجة العلاج النفسي ضعيفة.
من جانبه، يرى «فرويز» أن الجاني لابد أين يكون عقابه مشددًا، مع خضوعه للعلاج النفسي كذلك، والتعرف على الأسباب التي أدت به إلى التحرش بالصغار، أي يكون التعامل من الموقف من بداياته.
جديرٌ بالذكر أن البيدوفيليا، أو «اضطراب الاستغلال الجنسي للأطفال»، هو اضطراب نفسي جنسي يؤثر بشكل عام على البالغين، و يصنف في الطب الجنسي كاضطراب عقلي وبالتالي كمرض.
ويقدر الخبراء أنه يتم الإبلاغ عن حالة واحدة فقط من كل 20 حالة اعتداء جنسي على الأطفال، بينما لا يتفق الباحثون على نسبة المتحرشين بالأطفال جنسيًا، فيما يتراوح عدد ضحايا الاعتداء الجنسي على الأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا، وتكون غالبية المعتدين من الذكور.
التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
إضافة تعليق