- في كل مرة تمر فيها الأسرة المصرية بأزمة—اقتصادية كانت أو اجتماعية أو صحية—تخرج المرأة المصرية في الصفوف الأولى، تحمل عبء المواجهة قبل أن ينتبه الآخرون إلى حجم الخطر. هي ليست مجرد نصف المجتمع كما اعتدنا القول، بل هي في كثير من البيوت النصف الذي يقف حين يترنح الجميع.
تراث من القوة… لا يُورّث إلا بالفعل
لا تُولد المرأة المصرية قوية فحسب؛ بل تُصنع قوتها عبر تاريخ طويل من التحمل والصبر والإصرار على حماية بيتها. فمنذ عقود وهي تشارك شريكها الحياة بكل ما فيها من مطبات وتقلّبات، حتى صارت تُعرّف في الوجدان الشعبي بأنها “ستّ الكل”، تلك التي تُمسك العصا من المنتصف وتبتلع الألم كي لا يتشقق جدار البيت.
في الأزمات الاقتصادية: شجاعة إدارة الندرة
عندما تتقلب الأسعار ويضيق الحال، تقف المرأة المصرية عند خط المواجهة الأول.
هي من تُعيد رسم ميزانية البيت، وتخفض من هنا، وتتنازل عن هناك، وتبتكر حلولًا لم تخطر على بال أحد. تفعل ذلك دون أن تفقد كرامتها أو تُشعر أهل بيتها بأنهم في حافة الانهيار؛ وكأن لديها قدرة فطرية على تحويل الأزمة إلى “تحدٍّ مؤقت” وليس “كارثة دائمة”.
وفي كثير من البيوت، تكون المرأة هي من تعمل بعض الساعات الإضافية، أو تُقدّم خدمة منزلية أو حرفية، أو تدير مشروعًا صغيرًا يساعد زوجها على تخطي العثرة دون أن تهتز مكانته أمام نفسه أو أمام أبنائه.
في الأزمات الصحية: قلبٌ يشعّ صبرًا
حين يمرض الزوج أو يضعف جسده، تصير المرأة طبيبة وممرضة وإدارية وحارسة للروح في آن واحد.
لا تعرف النوم الكامل، ولا الراحة الحقيقية، تقضي الليالي تُراقب أنفاس زوجها، وتحمل عنه ثقل الخوف قبل أن تحمل عنه ثقل الجسد.
هي التي تُمسك يد المريض وتقول له: “قوم… إحنا لسه وراك”، فتعود إليه رغبة الحياة حتى لو كان الطريق طويلًا.
في الأزمات النفسية والعائلية: حكمة المصلح وهدوء القائد
الأزمة ليست دائمًا مادية أو صحية؛ أحيانًا تتجسد في ضغوط العمل، أو خيبة الأمل، أو احتراق الروح. وهنا تظهر المرأة المصرية في أبهى صور الدعم، تخلق مناخًا يليق بالطمأنينة، وتصبح مرآة زوجها التي تعكس له أفضل ما فيه حين لا يرى من نفسه إلا الجانب المنهك.
بهدوئها وحنكتها تُطفئ نار الخلاف، وبفطنتها تمنع كلمة غضب من أن تتحول إلى قطيعة، وبصبرها تُعيد للبيت توازنه العاطفي والأخلاقي.
لماذا تصمد المرأة المصرية؟
ليست المسألة “واجبًا” أو “تقاليدًا” فحسب، بل هي قناعة راسخة بأن الأسرة مشروع حياة، وأن الشراكة الحقيقية تُقاس بوقت الضيق لا وقت الرخاء.
كما أن إحساس المرأة المصرية بمسؤوليتها المتجذّرة يجعلها ترى في أزمات زوجها معركة مشتركة، لا معركة فردية. فهي تدرك أن نجاحه هو نجاحها، وأن تعافيه هو تعافي البيت كله.
ولكن… هل المرأة المصرية لا تنكسر؟
الحقيقة أنها تُنهِك نفسها كثيرًا كي لا يظهر تعبها.
تتألم في صمت، وتتأخر احتياجاتها في الطابور الأخير، وتُدفن رغبتها في دعمٍ شخصي تحت ركام الواجبات.
ربما لا تُظهر ضعفها، لكن هذا لا يعني أنها لا تحتاج إلى من يُساندها ويُقدّر ما تبذله.
لهذا، يصبح تقدير الزوج والأبناء والمجتمع لأدوارها ضرورة إنسانية قبل أن تكون عرفًا اجتماعيًا؛ فذلك التقدير وحده ما يمنحها القدرة على مواصلة هذا الصمود.
- خلاصة المشهد المرأة المصرية ليست مجرد شريكة حياة، بل خط دفاع أول عن بيتها وزوجها.
هي القوّة الهادئة التي تقف في المقدمة حين تتراجع الحظوظ، وهي اليد التي تُرمم ما تهشّم دون أن تحدث ضجيجًا.
وبينما تهتز الأسرة تحت ضغط المتغيرات، تبقى المرأة المصرية هي الثابت الأكثر صلابة، والركن الذي يُعوَّل عليه في كل حين



التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
إضافة تعليق