كتبت: أسماء محمود

كنوز مصرية خالدة وحرف يدوية، تعبر عن تراثنا المصرى العريق تميزت بها مصر القديمة عبر العصور،  و تعتبر أحد علامات الإبداع اليدوي المصري هى صناعة الخوص والجريد، والتى تعد من أهم الحرف الريفية التى تقوم بها سيدات الريف، والتى تعد ابداعا فنيا يعبر عن الريف المصرى بأشكال مختلفة من اطباق وسلات تصنع بشكل فني جميل يبرز جمال، وأهمية النخيل واستخدامه فى صنع العديد من الأغراض المصنوعة من سعف النخيل، فهى صناعات تراثية تعود بنا إلى الأيام السالفة، حيث كان الأجداد يأكلون مما يزرعون ويلبسون ما يصنعون بأيديهم فكانت حياة الآباء قديما مستوحاة من مكونات البيئة المحيطة بهم من صحراء وبحر وأشجار وغيرها، ورغم قلة موارد بيئتهم، تمكنوا من تحدي الصعوبات، واستحدثوا الطرق المبتكرة، لصناعة الأدوات المنزلية التي تخدمهم في حياتهم اليومية، وتطورت هذة الصناعة منذ القدم، واصبحت يضاف اليها الألوان المبهجة، بعد ان يتم صبغ الخوص بصبغات خاصة ليتحول بأيدى سيدات الريف الى أغراض مهمة فى الاستخدام المنزلي،  كما تعد صناعة الخوص والجريد من الصناعات الريفية البسيطة، التى تمثل مصدرا للرزق للكثير من السيدات البسطاء فى الريف، فهى صناعة غير مكلفة من ناحية المادة وصناعة صديقة للبيئة، وعليها اقبال كبير ولها منظر جمالي مختلف .

والتقت “شبكة يو دبليو إن الإخبارية “ ببعض صناع الخوص بقرى محافظة المنيا:

حيث أكدت “صباح شيمى” صانعة الخوص والزعف بقرية الكرم بمحافظة المنيا ،انها تعلمت هذة المهنة من جدتها، حيث كانت تشاهدها ، وهى تحضر السعف وتشققه وتبلله بالماء، ثم تضفره وتتركة تحت أشعة الشمس لفترة حتى يجف، ثم تبدأ خياطة الضفيرة؛  لعمل المنتجات مثل:  المقطف، والشمسية، وغيرها من الأشكال وتناسب السيدات؛  لأنها غير مرهقة وتساعد على تحسين دخل الأسرة، وتوضح أن أدوات العمل الرئيسة التي تستخدم في صناعة الخوص هي اليدان والأسنان بالدرجة الأولى، ثم العظام والحجارة المدببة، والمخارز التي تقوم مقام الإبرة بخلاف المقص، والوعاء الذي تغمر فيه أوراق النخيل، وتبين صباح أن للخوص نوعين أحدهما: هو “اللبة ” وهو لين وصغير الحجم ناصع البياض ويسهل تشكيله ، والثاني هو بقية أوراق النخيل وهو طويل وخشن ويجب غمره بالماء حتى يلين؛  ليسهل تشكيله هذا ويمكن صبغ الخوص بألوان غير الأبيض، مثل: الأخضر، العنابي، والبنفسجي، أما بالنسبة لكيفية صبغ الخوص فتوضح صبا ح أنها «تتم عن طريق غلي الماء في وعاء كبير، ثم وضع الصبغة المطلوبة فيه، ثم وضع الخوص وتركه لمدة خمس دقائق في الماء ثم وضعه في الظل، أما في ما يتعلق بالخوص الأبيض توضح أنه يكتسب هذا اللون؛  نتيجة تعرضه للشمس فيتحول من الأخضر إلى الأبيض وبعد ذلك، تبدأ صناعة الخوص، وذلك بصناعة جديلة عريضة وطويلة على حسب المنتج، وعندها يتم التشكيل عن طريق إبرة عريضة وطويلة وخيط، وتؤكد صباح أن صناعة الخوص واحدة من المهارات التي أتقنتها النساء فاستطعن أن يؤمن احتياجات بيوتهن من سعف النخيل الذي كان يتوافر في الطبيعة من حولهن، حيث اقتصرت أدواته على أمور قليلة، أهمها:  مهارة اليدين والصبر والدقة في العمل و تبدأ بخطوات عملية تعرفها النساء ممن عشن بين النخيل، وعرفن كيف يتعاملن مع سعفه .

وقالت “ام سيد” صانعة الخوص انها توراثت المهنة من ابيها مؤكدة : ان صناعة الخوص ساعدتها على تربية ابناءها بعد وفاة زوجها وعلمت اولادها من صناعة الخوص، حيث تأتى بالخوص وتنظفه وتقوم بنقعه فى الماء لتلينه سواء كان خوصا عاديا او ملونا وبعد تطريه، الخوص يسهل تشكيله وتبدأ التصنيع، وكلما زاد العرض زاد عدد اوراق الخوص المستعملة وتصنع الجديلة اولا، وبعدها يتم تشكيل الخوص بالاستعانة بإبرة عريضة وطويلة وخيط، قد يكون من الصوف الأسود للتزين وتتمنى ام سيد المشاركة فى المعارض الدولية وتصدير منتجاتها للخارج وعمل معارض فى الأماكن السياحية، فهى منتجات جاذبة للأنظار .

واضاف مصطفى عبدالسلام من أشهر صانعي الخوص والجريد بالمنيا “لشبكة يو دبليوإن الإخبارية” ان الخوص، هو صناعة يدوية بسيطة تعتمد على منتجات موجودة فى الطبيعة بدون أي تكلفة وتصنع منها : “المقاطف، والقواديس، والعلايق ،والبرش ،والمراوح، والشنط، والبرانيط ” ، فهى منتجات خفيفة الوزن تصنع من الخوص وتقاوم الرطوبة وتحفظ الأطعمة، وأضاف ان الخوص، هو اوراق سعف النخيل تجمع وتصنع باليد بطريقة تجديلية عريضة ويتشابك السعف مع بعضه فى التجديلة ويتحول الى اللون الأبيض بعد تعرضه للشمس، وتعتبر “حرفة الغلابة ” البسيطة التى يحترفها النساء وتناقلتها بالوراثة ومهددة بالإندثار؛  بسبب عدم تنمية هذه الصناعة، ويؤكد أن صناعة الخوص تعتبر من أهم مايميز الريف المنياوى وتساعد على تنشيط السياحة، حيث يلقى الخوص اقبالا كبيرا من الزائرين؛ لأن صناعة النخيل اليدوية تذكرنا بالزمن الجميل أيام الأجداد ، حيث كانت كل أدواتهم التى يستخدموها من البيئة المحيطة ومستقبل هذه الحرفة البسيطة، يحتاج إلى اهتمام وتنمية فهى معرضه للإندثار .