كتبت : إسراء عماد

وُلِدَت «أسمهان»، في 25 نوفمبر، عام 1912، على متن باخرة، كانت تنقل العائلة من تركيا، إلى بيروت، حيث بعض الأقارب، ثم انتقلت إلى سوريا، اسمها الحقيقي «آمال الأطرش»، والدها هو «فهد الأطرش»، ووالدتها «علياء المنذر»، وأشقائها هما:  «فؤاد الأطرش»، الموسيقار الكبير الراحل «فريد الأطرش»، الذي أخذ بيدها إلى الشهرة، بجانب عدد من فنانات تلك الفترة منهن كوكب الشرق «أم كلثوم، وليلى مراد، ونجاة علي»، وغيرهن، بالإضافة إلى أشقائها «أنور، ووداد»، اللذان توفيا قبل مجيء الأسرة لمصر.

ظهرت موهبتها الفنية مبكرًا، إذ كانت تتغنى في منزلها بأغاني الست : «أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش»، وفي يوم، استضاف الموسيقار الراحل «فريد الأطرش»، في بيت «داوود حسني»، الذي كان أحد أكبر الموسيقيين في مصر آنذاك، وعندما سمع «أسمهان»، تغني في غرفتها، طلب إحضارها، وسألها أن تعيد الغناء ثانيةً، فأُعجِبَ بجمال صوتها، ولما انتهت قال لها : “كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالًا وصوتًا، توفيت قبل أن تشتهر، لذلك أحب أن أدعوكِ باسمها «أسمهان»”، وهكذا أصبح اسم «آمال»، الفني «أسمهان».

أُثيرت الكثير من الأقاويل، حول تعاونها مع الاستخبارات البريطانية، وتقول إحداها أنه في مايو، 1941، تم أول لقاء بينها وبين أحد السياسيين البريطانيين، العاملين في منطقة الشرق الأوسط، جرى خلاله الاتفاق على أن تساعد «أسمهان»، الحلفاء في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان، من قوات «فيشي الفرنسية»، وقوات «ألمانيا النازية»، وذلك عن طريق إقناع زعماء جبل «الدروز»، بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية، والفرنسية.

وقد قامت بمهمتها خير قيام، بعد أن أعادها البريطانيون، إلى زوجها الأسبق، «الأمير حسن»، لتعود «أميرة الجبل»، من جديد، وهي تتمتع بمال وفير، إعطاها لها الإنجليز، وبهذا المال استطاعت أن تحيا مرة أخرى، حياة الترف والبذخ، وتثبت مكانتها كسيدة لها شأنها في المجتمع، ولم تقصر في الوقت نفسه، في مد يد المساعدة لطالبيها.

كتبت جريدة «الحديث البيروتية»، في عددها الصادر صباح الاثنين، 29 سبتمبر، 1941، “الأميرة آمال الأطرش استعانت، قررت تخصيص يوم الاثنين، من كل أسبوع، لتوزيع الطحين على الفقراء مجانا، وفي منزلها الكائن في عمارة «مجدلاني»، في حارة «سرسق»”، إلا أن وضعها لم يستقر، فساءت الحال مع زوجها «الأمير حسن»، في سوريا، من جديد، كما أن الإنجليز، تخلوا عنها، وقطعوا عنها المال، لتأكدهم من إنها بدأت تعمل لمصلحة فرنسا، ويقال أنها بدأت ترفض طلباتهم، إذ وجدت نفسها ستدخل سلسلة لا تنتهي من المهام، كما رأت نفسها فنانة، لا تريد أن توقع نفسها في هذا الشرك.

وقد اعترف الجنرال «إدوارد سبيرز»، ممثل بريطانيا، في لبنان، آنذاك بأنه يتعامل معها نظير أموال وفيرة، دُفِعَت لها نظرًا لخدماتها، وقال عنها أنها كانت كثيرة الكلام، و«مدمنة على الشرب»، وأنه قطع علاقته بها، كما قال عنها صديقهاالصحفي «محمد التابعي»، أنها كانت لا تترك الكأس من يدها، وكانت تقول له أنها لا تحب أن ترى الكأس مليئا أو فارغا، كما كانت تدخن بشراهة.

شاركت «أسمهان»، في فيلم «انتصار الشباب»، بجانب أخيها «فريد الأطرش»، وذلك عام 1941، وغنت معه أعاني الفيلم، وأثناء التصوير، تعرفت إلى المخرج «أحمد بدرخان»، الذي تزوجت منه عرفيًا، لكن سرعان ما انهارت علاقتهما، وانتهى زواجهما سريعًا، وفي عام 1944، مثلت في فيلم «غرام وانتقام»، إلى جانب الفنان: «يوسف وهبي، وأنور وجدي، ومحمود المليجي»، مُسجِلة فيه باقة من أجمل أغانيها.

غَنَّت «أسمهان»، لعدد كبير من الملحنين، منهم : «محمد عبد الوهاب، رياض السنباطي، فريد الأطرش، ومحمد القصبجي»، إضافةً إلى مُكتشفها «داوود حسني»، كما كتب لها عدد كبير من الشعراء منهم : «أحمد رامي، بيرم التونسي، بديع خيري، ومأمون الشناوي»، ومن أشهر ما غنت «أسمهان»: «عاهدني يا قلبي، عذابي في هواك، هديتك قلبي، يا لعينيك، كلمة يا نور العين، فرق ما بيننا الزمان، كنت الأمان، أين الليالي، عليك صلاة الله وسلامه، ياللي هواك، كان لي أمل، إيدي في إيدك، بدع الورد، أنا أهوى، وياديرتي».

وفي صباح يوم الجمعة، الموفق ١٤ يونيو، عام ١٩٤٤، سافرت «أسمهان»، ومعها صديقة لها تدعى «ماري قلادة»، إلى«رأس البر»، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة، فانحرفت السيارة وسقطت في البحر، حيث لاقت «أسمهان»، وصديقتها حتفهن .