كتبت : وفاء عاشور

التنمر والتحرش من الظواهر السيئة والأفعال البذئية، التى سادت مؤخراً فى المجتمع ، وتؤدى هذه الأفعال إلى الإيذاء النفسى للأفراد التى تتعرض لها، وتعتبر هاتان الظاهرتان من الظواهر الغير مقبولة والمحرمةفى الدين ، حيث أنها سلوكيات عدوانية ليس لها مبرر غير أنها نتيجة للأمراض النفسية التى يعانى منها المتنمر والمتحرش، أو نتيجة لعدم إتباع الوالدان لأساليب تربوية جيدة تساعد فى تهذيب سلوك الابناء وتكوين شخصية صالحة قوية يصبح وجودها منفعة للمجتمع وليست ضرر.

وستعرض لكم “شبكة يو دبليو إن الإخبارية” الفرق بين التنمر والتحرش في الفقرات القادمة:

التنمر : سلوك عدوانى وبذئ موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف فى الغالب جسدياً.

ينقسم التنمر إلى قسمين :

1- تنمر مباشر : يشمل الدفع والنغز والركل ، وكل مايؤديه الفرد تجاه الأخر بطريقة مباشرة باليد أو بإلقاء الأشياء .

2- تنمر غير مباشر : الهمس والرمق بالنظرة الجارحة ، التنابز بألقاب مضحكة ومهينة ، الإستهزاء بالمريض .

وقد يؤدى التنمر إلى جرائم وعواقب يغفل عنها الكثير ، ففى عام 1825 تم توثيق جريمة؛  بسبب التنمر، وتحديداً فى شهر فبراير جريمة قتل غامضة تم إتهام شخصين بها ، هم:  الكساندر وود، والكساندر ويليسى ، والذين كانوا حاصلين على منحة من جامعة إيتون ؛ وبسبب ظاهرة التنمر قاموا بذبح صديقتهم آشلى كوبر، جدير بالذكر أن هناك أعداد كبيرة من حالات التنمر التى أدت إلى الانتحار والقتل .

يعد التنمر المدرسى أشد أنواع التنمر خطراً ، حيث أن الأطفال أكثر فئة تتأثر بما يدور حولها ،و قالت دراسة طبية أميركية:” إن الأطفال الذين تعرضوا للسخرية ممن هم أقوى منهم عرضة أكثر من غيرهم، للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطراب الهلع لسنوات عديدة” .

ويقال أن “الاكتئاب والقلق المرتبطين بالتنمر، خلال فترة المدرسة يستمران على الأقل حتى فترة منتصف العشرينات من العمر”.

كيف يساعد الآباء أبنائهم على عدم الوقوع فريسة للمتنمرين:

(1) تربية الطفل على الثقة بالنفس ، الحديث الجيد عنه فى أغلب الأوقات فى وسط الإجتماعات العائلية والرفع من معنوياته.

(2) ‏وتنمية مهاراته الاجتماعية، عدم إنعزاله عن الأخرين.

(3)تعليم الطفل مهارات الأمان، بما في ذلك طلب المساعدة من المعلم .

(4) وكيف يكون جدياً ! وكيف يستعمل المرح والأساليب المناسبة للتخلص من الأوضاع الحرجة.

(5) مراقبة الطفل والتحدث معه عن يومه المدرسى بإستمرار ،وإذا علم الوالد أن ابنه يمارس ضده التنمر في مدرسة عليه أن ينتبه ويتابع الأمر مع مدير مدرسة ابنه ومعلميه.

أدلة تحريم الإسلام للتنمر :

وقد حرم الإسلام الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة، فقال تعالى: «..وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» [البقرة: 190]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه ابن ماجه، موضحًا: والضرر الذي وجه الإسلام لإزالته ليس الجسدي فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضرر النفسيّ الذي قد يكون أقسى وأبعد أثرًا من الجسدي، قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» أخرجه أبو داود، وقال أيضًا: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ –أي: وَجَّهَ نحوه سلاحًا مازحًا أو جادًا- فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ» أخرجه مُسلم.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “المسلم: من سلم المسلمون من لسانه ويده”

وفى سورة الحجرات قال الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ” .

أيضًا حرم الهمز واللمز؛ فقال: “وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ..”.

قال: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» أخرجه البخاري، وأن يكون الخلق الحسن دليلًا على كمال الإيمان، قال الرسول: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» أخرجه الترمذي.

فى الناحية الأخرى انتشرت ظاهرة التحرش انتشار مخيف مثل: إنتشار التنمر بل وأكثر وهو إضطراب سلوكى ، وقد يتشاركان فى الأسباب التربوية والنفسية والآثار السلبية على فئات المجتمع ، ولكن أكثر الفئات التى تكون ضحايا لظاهرة التحرش هم فئة الأطفال والفتيات .

وأخر حوادث التحرش كانت بالأمس وأحدثت ضجة وحزناً كبيراً وكانت ضحيتها فتاة تدعى مريم محمد على ،حيث طاردوها وهى عائدة من عملها فى شوارع المعادى ،وتبين من التحريات الأولية أن المتهمين حاولوا التحرش بالضحية والسرقة، وعقب هروبها منهم اشتبكت ملابسها في سيارتهم ؛ مما أدى الى سقوطها أسفل عجلات السيارة.

وأوضحت التحريات أن المتهمين حاولوا الهرب فسحلوا الضحية عشرات الأمتار حتي تهتك جسدها، ويذكر أن تم تحديد هواية إثنان منهم .

ما عقوبة الفاعل لهذة الجريمة وكيف واجه الإسلام التحرش :

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن التحرش الجنسي حرام شرعًا، وكبيرة من كبائر الذنوب، وجريمة يعاقب عليها القانون، ولا يصدر إلا عن ذوي النفوس المريضة، والأهواء الدنيئة، التي تتوجه همتها إلى التلطخ والتدنس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابط عقلي أو إنساني، وقد عظم الشرع الشريف من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبح ذلك ونفر منه، وتوعد فاعلي ذلك بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة .

واستشهد مفتى الجمهورية بأيات وأحاديث إن المولى تبارك وتعالى وصف من يفعل ذلك بالمنافق لقوله تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ۞ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ۞ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 60-62]، كما وصف رسول الله “صلى عليه وآله وسلم” التحرش بأربى الربا، أي الجرم الذي هو أشد من الزنا الذي لاتحرش فيه، لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «أَخْبِرُونِي مَا أَرْبَى الرِّبَا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.. قال: «فَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْتِحْلَالُ عِرْضِ الْمُسْلِمِ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، كما حذر صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك بقوله: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ».

وتابع مفتي الجمهورية، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكد أن هذا السلوك ليس من الإسلام لقوله: «إِنَّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ لَيْسَا مِنَ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلَامًا أَحَاسِنُهُمْ أَخْلَاقًا»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ»، وقوله كذلك صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ» أو«إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ»، وقوله أيضًا صلى الله عليه وآله وسلم: «الْجَنَّةُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ يَدْخُلَهَا»، أي أن من يفعل ذلك يحرم عليه دخول الجنة، ويكون مأواه جهنم، وأذيً لأهلها لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعَةٌ يُؤْذُونَ أَهْلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَذَى، يَسْعَوْنَ بَيْنَ الْحَمِيمِ وَالْجَحِيمِ، يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ.. وَرَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا فَيُقَالُ لَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ قَذِعَةٍ خَبِيثَةٍ فَيَسْتَلِذُّهَا، كَمَا يَسْتَلِذُّ الرَّفَثَ».

وأضاف مفتي الجمهورية، أن الشريعة الإسلامية السمحة الغراء لم تهتم بالنساء فقط في هذا الأمر الشنيع، بل اهتمت بالطفل قبل وبعد ولادته، وجعلت له حقوقًا، وعملت على حمايته، والمحافظة عليه من التحرش الجنسي ؛  لأنه انتهاك صارخ للقيم الإنسانية في المجتمع، وقتلٌ للبراءة والطفولة، وهو أيضًا إلى كونه فعلًا فاحشًا – كذلك غدرٌ وخيانةٌ؛ لأن الصغير لا يعي، ولا يفهم ما يقع عليه، لذا يجب على أولي الأمر أن يتصدوا لمظاهر هذه الانتهاكات المُشينة بكل حزم وحسم، سواء كان بحق النساء أو الأطفال، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تسول له نفسه التلطخ بعيره.