كتبت : إسراء عماد

وُلِدَ «أحمد فؤاد نجم»، 23 مايو، عام 1929، بإحدى قرى محافظة الشرقية، بشمال البلاد، وبعد وفاة أبيه، ألحقته الأسرة بملجأ خيري، يوفر سبل العيش، للأطفال اليتامى، والفقراء، ويدربهم على تعلم بعض الحرف اليدوية، تزوج «نجم»، عدة مرات، كانت الأولى من «فاطمة منصور»، وأنجب منها ابنته «عفاف»،كما تزوج من الفنانة «عزة بلبع»، وأنجب من الكاتبة البارزة «صافي ناز كاظم»، ابنته الكاتبة والناشطة السياسية «نوارة نجم»، كما تزوج من ممثلة المسرح الجزائرية «صونيا ميكيو»، وكانت السيدة «أمينة عبد الوهاب»، هي آخر زوجاته، وأنجب منها ابنته «زينب».

وروى «نجم»، في كتاب سيرته الذاتية «الفاجومي»، أنه ظل بالملجأ تسع سنوات، ثم عمل ببعض المهن، إلى أن عُيِنَ بوزارة المواصلات، ثم قُبِضَ عليه عام 1960، بتهمة الاشتراك مع زميل له في تزوير أوراق رسمية، وحُكِمَ عليه بالسجن ثلاث سنوات، تعرف خلالها على معتقلين شيوعيين.

وفي السجن، استمع «نجم»، إلى قصائد لشاعر العامية المصرية البارز «فؤاد حداد»، الذي كان في معتقل آخر، ضمن ماركسيين، اعتقلهم الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر»، عام 1959، وبدأ «نجم»، كتابة الشعر، عام 1961، في الثانية والثلاثين من عمره، ولفتت موهبته انتباه مسؤولي السجن، فنظموا له أمسيات شعرية، ونُشِرَت قصائده في مجلة كانت تصدرها مصلحة السجون، وجمع «نجم»، قصائد ديوانه الأول «من الحياة والسجن»، وتقدم به إلى إحدى المسابقات، فأوصت الدكتورة «سهير القلماوي»، رئيسة المؤسسة المصرية للتأليف والنشر «الهيئة المصرية العامة للكتاب حاليا»، بنشره وكتبت له مقدمة.

ومنذ نهاية الستينيات، شكل «نجم»، مع الملحن والمطرب الشيخ «إمام عيسى»، ثنائيا مزعجًا للسلطات المصرية، وأدت تلك الأغاني إلى اعتقالهما في عهد الرؤساء الراحلين «عبد الناصر والسادات»، وسخر من الرئيس الراحل «عبد الناصر»، ونظامه في أولى قصائده المزعجة، بعد احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء، في حرب 1967، وذلك رغم حبه ل«عبد الناصر»، فكان يراه أكثر مَن أخلصوا لمصر وأحبوها، ورثاه بقصيدة «زيارة إلى ضريح عبد الناصر»، وتبدأ بقوله “السكة مفروشة تيجان الفل والنرجس.. والقبة صهوة فرس عليها الخضر بيبرجس.. والمشربية عرايس بتبكي والبكا مشروع… من دا اللي نايم وساكت والسكات مسموع… سيدنا الحسين؟ ولا صلاح الدين ولا النبي ولا الإمام؟”.

وصمت «نجم»، عن الشعر السياسي، سنوات طويلة، ثم عاد إلى مشاغباته في نهاية حكم الرئيس الراحل «حسني مبارك»، بقصائد ساخرة منها «ألف سلامة لضهر سيادتك»، بعد أن أغشى على «مبارك»، خلال إلقائه كلمة بمجلس الشعب، في نوفمبر عام 2003، وأجريت له جراحة في الظهر بألمانيا، في يونيو عام 2004، ثم كتب «عريس الدولة»، بعد إعلان خطوبة «جمال مبارك»، عام 2006.

وكان ضمن الألقاب التي حصدها «أحمد فؤاد نجم»، «سفير الفقراء»، وذلك عقب اختيار المجموعة العربية في النداء العالمي، من أجل مكافحة الفقر له ليكون ناطقا في المحافل الدولية باسم «فقراء العالم العربي»، و«سفيرا لفقراء العالم»، إلى جانب الزعيم الإفريقي «نلسون مانديلا»، وذلك في أغسطس عام 2007.

حصد «نجم»، عدة جوائز، منها اختيار المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر، التابع للأمم المتحدة، سفيرا للفقراء، عام 2007، فاز بجائزة «الأمير كلاوس»، الهولندية، وهي من أرقى الجوائز في العالم، ولكن وافته المنية قبل استلامها ببضعة اياموكان ذلك عام 2013، حصل على المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء «الشعر العربي»، وفي 19 ديسمبر 2013، وبعد وفاته مُنِحَ «وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى».

وتُوُفِى «نجم»، في 3 ديسمبر، 2013، عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد عودته مباشرةً من العاصمة الأردنية عمان، التي أحيا فيها آخر أمسياته الشعرية، برفقة فرقة «الحنونة»، بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وقد شُيِعَ جثمانه من مسجد «الحسين»، وقبل وفاته، رثى «نجم»، نفسه كاتبًا : “أنا الرخيص أوي عندكم، وغالي عند اللي خالقني، فيوم ما افارق أرضكم موضوع لا يمكن يضايقني، أنا اللي جيبتولي الأمراض، أنا اللي بيا منكم فاض، أنا اللي قولت ياباشا كتير، وأكتر كمان اتقاللي انا ياض، أنا المهدد أنا المجند أنا اللي دايما بعيا وبرقد، أنا المراكبي والصياد، أنا المواطن يا رؤساء، أنا اللي متكحرت في بولاق، وانا اللي بتلملم أشلاء، مركب وقطر وعبارة، الموت لأمثالي إعارة”.