كتبت: وفاء عاشور

منذ أن بنى سيدنا إبراهيم الكعبة ، والناس تحج إليها، وبمرور السنين استحوذ الشيطان على عقول كثير منهم ، فإتجهوا لعبادة الأصنام وقاموا بوضعوها حول الكعبة؛ وسبب وجود الكعبة كراهية وبغض من أبرهة الحبشى إتجاهها، ويقال له أيضا أبرهة الأشرم وهو قائد عسكري من مملكة أكسوم وأعلن نفسه ملكا على حِميَّر، حكم بلاد اليمن والحجاز .

وسيطر عليه حقده، حيث بنى بيتاً وزينه ليحجوا إليه الناس بدلاً من الكعبة ، فقام أحد العرب بالذهاب إلى هذا البيت ولوثه واستهزاء به فأقسم أن يهدم الكعبة ، فأرسل أبرهة جيشه لهدم الكعبة وكان يتقدمهم فيل ضخم ، وأثناء سير جيش أبرهة إلى الكعبة قاموا بأخذ الأبل الخاص بسيد قريش (عبدالمطلب) ، فبعد ذلك ذهب إليه عبدالمطلب وطلب منه أن يرد إليه الأبل الذى أخذه جنوده ، فاستعجاب منه لترك دينه ودين أبائه ليكلموا فى أمر الأبل، فرد عليه بنعم فأنا صاحب الأبل ، أما البيت فله رباً يحميه .

خرج عبدالمطلب من بيت حاكم اليمن متجهاً إلى الكعبة ، ودعا اللهم إن العبد يمنع رحله فإمنع رحالك ، ونادى فى أهل مكة للصعود إلى أعلى الجبال والإختفاء، خوفاً من أن يصبهم بطش أبرهة وجيشه .

ووصل جيش أبرهة إلى الكعبة وظهرت قدرة -الله تعالى- وحمايته لبيته عند ركود الفيل كلما إتجه نحو الكعبة ، وعندما علم أبرهة بذلك أمرهم بضرب الفيل ، فأرسل الله عليهم (طيراً أبابيل) ، أي قطعاً قطعاً صفراً دون الحمام وأرجلها حمر، ومع كل طائر ثلاثة أحجار، وجاءت فحلّقت عليهم، وأرسلت تلك الأحجار عليهم فهلكوا.

ففى قوله تعالى – بسم الله الرحمن الرحيم، (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفيل:1-5]

وفرح أهل مكة بما حدث وسمى هذا العام بعام الفيل ، وفى هذا العام حدث شيئاً عظيم ، فقد بشر عبدالمطلب بوضع زوجة أبنه عبدالله السيدة آمنة بنت وهب غلاماً جميلاً لم يروا أجمل منه من قبل ، فحمد الله وسماه محمد لكى يحمده الله تعالى فى السماء ، وخلق الله فى الأرض.

كان للعرب بعض العادات والتقاليد ومن ضمن تلك العادات أن يرسلوا مولدهم إلى البادية مع المرضعات، لينشئوا أقوياء البدن، فصحاء اللسان، فأرسلت آمنة رضعيها سيدنا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام – إلى حلمية السعدية ، فأنشأ معاهم فى البادية ، وبعد عدة سنوات عاد رسول الله إلى أمه ، وعندما بلغ السادسة من عمره توفت أمه .

تولى جده عبدالمطلب رعايته بعد وفاة أمه ، وقال لأبى طالب سأبذل ما أستطيع لكى أرعى محمد ،وأقسم له أنه سوف يكون له شأن عظيم يتحدث عنه كل العرب، وتعلق النبى محمد- عليه أفضل الصلاة والسلام- بجده وسار لا يفرقه حتى فى مجالس كبار قومه ومجالس قريش .

ويذكر أن بعد وفاة جده ، إنتقل إلى بيت عمه أبى طالب ، وهكذا كانت طفولة النبى مملؤة بالأحزان والمواقف الصعبة التى علمته بعد ذلك الصبر والقوة وقوة التحمل .