بقلم / سارة طالب السهيل

تضامناً مع غزة و أطفال غزة وما يحصل لهم من ابادة جماعية اختلف هذا العيد عن باقي الأعياد رغم انه عيد ميلاد يسوع المسيح الطفل الذي ولد في فلسطين و ذاق العذاب من صهاينة ذاك الزمان و كأنه مكتوب على أطفال فلسطين العذاب على يد الصهاينه منذ ذاك الوقت حين علق جسد المسيح الطاهر على أخشاب الصلب وانفطر قلب امه مريم العذراء عليه كما ينفطر قلوب امهات أطفال فلسطين على من طردوا من ديارهم و عذبوا و قتلوا و هدمت بيوتهم عليهم ظلما و بهتاناً

قبل الاحزان الأخيرة كان
في كل عام بمثل هذا الوقت تزدان الكرة الأرضية بأنوار الاحتفالات بذكرى ميلاد السيد المسيح عليه وأمه مريم القديسة السلام، وتأخذ احتفالات الشعوب بهذا العيد مظاهر مختلفة تعكس ثقافتها وحضارتها شرقا وغربا من شجرة الميلاد والشموع والطقوس المختلفة، وربما الغرائبية منها.
غير أن احتفال أقباط مصر بعيد الميلاد، وإن كان يشترك في الدلالة الروحية من حيث الصيام السابق على الأعياد أو الأناشيد والتراتيل الدينية، وتجهيز الفاخر من الثياب والطعام وجمع الأحبة والتصدق على الفقراء وتوزيع الهدايا، فإن الموروث الحضاري الفرعوني يكاد يطل برأسه في مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد بدءا من التقويم الفلكي القبطي الذي يحدد بموجبه احتفالاً بالعيد يوم 7 يناير مقارنة بالغرب الذي يحتفل به في 25 من ديسمبر، مرورا بأصل شجرة الميلاد لدى القبط وطبيعة الأطعمة التي يحرص مسيحيو مصر على تناولها ارتباطاً بالمعتقدات الروحية والدينية، والتي تستمر حتى عيد الغطاس التالي لعيد الميلاد المجيد.
ولأسباب فلكية محضة – كما يقول القساوسة – فإن كنائس مصر تحتفل بعيد الميلاد يوم 7 يناير، دون يكون لذلك علاقة بالعقيدة أو اللاهوت أو الروحيات، فكنيسة الإسكندرية تسير على التقويم المصري القديم الذي يبدأ بشهر توت، وقد حددوا رأس السنة (1 توت) في يوم قران الشمس مع ظهور نجم الشعرى اليمانية، وهو ألمع النجوم في السماء، ويُسمى باليونانية “سيروس وبالمصرية بدت وبموجب هذا التقويم يبلغ طول السنة: (365 يوماً + 6 ساعات.
تعتمد الكنيسة المصرية الأرثوذكسية التقويم القبطي الفرعوني في عبادتهم ومناسباتهم الدينية وهو مرتبط أيضا باستخدام فلاحي مصر له في الزراعة،
وقد احتفظ الأقباط بالنظام الفرعوني للتقويم المصري على أساس السنة الشمسية ذات الـ 12 شهرا كل منها 30 يوما، ولم يأخذ التقويم القبطي بتصحيح التقويم الجريجوري للتقويم الميلادي؛ مما جعل ميلاد المسيح يوافق 7 يناير في التقويم القبطي 25 ديسمبر في التقويم الجريجوري.
كما احتفظ التقويم القبطي بأسماء الشهور القديمة التي عرف بها التقويم الفرعوني منذ الأسرة الخامسة والعشرين في عهد الاحتلال الفارسي لمصر، وهذه الأشهر هي “1 توت – 2 بابه – 3 هاتور – 4 كيك – 5 طوبة – 6 أمشير – 7 برمهات – 8 برمودة – 9 بشنس – 10 بؤونة – 11 أبيب – 12 مسرى”.
جذور شجرة والحضارة الفرعونية
وشجرة الكريسماس التي يرجع أصولها إلى ال ق 16، لارتباطها بالمُصلح المسيحي البروتستانتي مارتن لوثر، الذي قيل إنه أضاف الشموع المضاءة إلى شجرة خضراء، يرى مؤرخي الأقباط، أن شجرة أوزوريس التي أحضرتها إيزيس هي أصل شجرة الحياة بالثقافة البابليَّة، وشجرة الميلاد بالثقافة الأوروبيَّة، ويتم في احتفال عيد الميلاد بالكنيسة إحضار هدايا للأطفال من شجرة الميلاد.
وتعدد مظاهر الاحتفالات بعيد الميلاد لدى أقباط مصر بنكهة فرعونية، ومنها صنع كعك العيد الذي يعود حسب مؤرخي القبط، إلى “عصر المصريين القدماء، إذ ظهرت على جدران المعابد السيدات يحملن أطباق الكعك المنقوش.
الأعياد في العصر الفاطمي
ازدهرت الاحتفالات بعيد الميلاد بكنائس مصر في العصر الفاطمي بالزينة، المشاعل والشموع الملونة بألوان زاهية وبالفوانيس، وحسب ما ورد بكتاب “المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار” للمقريزي، فإن الاحتفالات في يوم الميلاد المجيد كانت عظيمة يشارك فيها المسلمون والأقباط على حد سواء.
فالفوانيس كانت تعلق على أبواب المحال والحوانيت، والفقراء والمتسولون كانوا يسألون المارة التصدق عليهم بفانوس، ولهذا السبب صنعت فوانيس خاصة لهؤلاء يبلغ ثمنها دينار واحد فقط.
واعتاد الفاطميون في يوم عيد الميلاد توزيع الطعام من سمك البوري، والحلوى مثل “القاهرية” المصنوعة من الدقيق وعسل النحل وخليط اللوز، وكذلك حلويات السمسمية والزلابية الشهيرة.
ومن عادات عيد الميلاد أيضا اللعب بالمشاعل، وعمل العصيدة صباح يوم العيد بزعم أن من لا يفعلها ويأكل منها في ذلك اليوم يشتد عليه البرد طوال السنة، كما ذكر “ابن الحاج” بكتابة “مدخل الشرع الشريف على المذاهب”.
ويعقب احتفال عيد الميلاد، احتفال الأقباط بعيد الغطاس يوم 11 طوبة الموافق 19 و20 يناير، وهذا العيد هو تذكار المعمودية للسيد المسيح على يد «يوحنا المعمدان» في نهر الأردن، وتقيم الكنيسة احتفالاً بهذه المناسبة في ليلة العيد، ويُختتم بصلوات القداس الإلهي.
ويرتبط عيد الغطاس بموروثات من الأكلات الشعبية مثل القصب والقلقاس والبرتقال واليوسفي، ويتغنون بها في أهازيج شعبية منها:
اللي مايكل قصب يصبح من غير عصب “، و”اللي ما ياكل قلقاس يصبح من غير رأس”، “شوية مطر وقداس وعودين قصب وحلة قلقاس”، و”ليلة النص لحمة ورز”.
وبحسب المؤرخين، فإن طقوس احتفال المسيحيِّين في مِصر بعيد الغطاس كانت تقام على ضفاف النيل بحمل المشاعل، ثم يغطَّسون في النهر بعد إتمام الصلوات وإلقاء الصليب المقدس فيه، ثم يعودون إلى الكنائس لإتمام بقية طقوس الاحتفال.
وصفها “المسعودي” ليلة الغطاس بأنها أحسن ليلة في مصر وأشملها سروراً، ولا تغلق فيها الدروب، ويغطس أكثرهم في النيل، ويزعمون أن ذلك أمان من المرض والداء.
ويرتبط أيضا بعيد الغطاس صناعة فانوس الغطاس من الخشب على هيئة صليب، وفي جوانبه الأربعة توضع شموع مضيئة، وكانوا في مدينة «أخميم» يضعون بدلا من الشموع خشب الصنوبر الذي يضيء وتفوح منه رائحة جميلة، ويطوف الأطفال بالفوانيس في الحواري والمنازل ويغنون: ليلتنا صيصة بقرتنا ولدت عجيلة، وفي وشَّها نوَّارة تنور في كل حارة مسلمين ونصارى